صدى نيوز - يحتاج العالم إلى استثمارات رأسمالية ضخمة تفوق 4 تريليونات دولار سنوياً لتلبية احتياجات شبكات الكهرباء ومراكز البيانات وتوفير جميع مصادر إمدادات الطاقة، مشدداً على أن الضبابية في الأجل القصير مؤكدة، بينما يظل الطلب على الطاقة بجميع أشكالها قوياً للغاية على المدى الطويل، بحسب وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر.

جاءت تصريحات الجابر خلال مؤتمر ومعرض أبوظبي الدولي للبترول (أديبك) 2025 اليوم الإثنين، حيث قال إن قطاع الطاقة قد يواجه عوامل غير مواتية في الأشهر القادمة، لكن التوقعات طويلة الأمد تُظهر نمواً في الطلب لكل أشكال الطاقة في كل الأسواق.

تتماشى تلك التصريحات مع ما ردده مسؤولين كبار في قطاع الطاقة مؤخراً، إذ حذر أمين الناصر، الرئيس وكبير الإداريين التنفيذيين لشركة "أرامكو السعودية" من أزمة وشيكة في إمدادات النفط العالمية، في ظل تراجع الاستثمارات في عمليات الاستكشاف والإنتاج على مدى السنوات العشر الماضية. 

وقال في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" في أكتوبر الماضي إن العالم يواجه أزمة إمدادات إذا لم يُستأنف الاستثمار بشكل جدي، مؤكداً أن حجم الإنفاق الحالي منخفض للغاية، في وقت يستمر فيه الطلب العالمي على النفط في النمو.

الطلب على النفط فوق 100 مليون برميل

قال الجابر إن استمرار التوسع الاقتصادي والتحول الرقمي العالمي يعزز الحاجة إلى الطاقة، متوقعا أن يستمر الطلب على الكهرباء في الارتفاع حتى 2040، في الوقت الذي تنمو فيه الطاقة المطلوبة لتشغيل مراكز البيانات بمقدار أربع أضعاف، وكذلك مع انتقال 1.5 مليار شخص إلى المدن، كما أن أكثر من ملياري جهاز تكييف ستبدأ العمل خلال تلك الفترة. 

وأضاف أن وقود الطيران أيضاً سيشهد زيادة في الطلب في ظل مضاعفة أسطول خطوط الطيران العالمية من 25 ألفا إلى 50 ألف طائرة. وأضاف أنه نتيجة لكل هذه التطورات، فإن الطلب على النفط سيظل فوق 100 مليون برميل يومياً بعد 2040 في ظل استخدامه بشكل أكبر ليس فقط للتنقل، ولكن لصناعة المواد والبتروكيماويات. 

ولفت الوزير الإماراتي إلى أنه من بين التحديات التي يواجهها العالم أن البنية التحتية في القطاع ما زالت دون المستوى المطلوب، إذ ثمة حاجة إلى 6 ملايين كيلومتر على الأقل من خطوط التوزيع الجديدة للكهرباء.

وقال الجابر: "لا نتحدث عن مسار واحد للتحول في الطاقة، بل عن إضافة الطاقة من الجميع وفي كل مكان".

من جانبه، قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن العالم بحاجة إلى المزيد من الطاقة، والتي تشمل النفط والغاز والطاقة المتجددة على السواء، مشيراً إلى أهمية ضمان تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة لتوفير تلك الموارد. وقال "إذا لم نحقق توازناً بين السعر واحتياجات العالم، فلن يكون لدينا تدفق استثماري كافٍ لتحقيق ذلك".

وحذر المزروعي من أنه إذا لم يشهد قطاع الطاقة استثماراً على نطاق واسع، فإنه مع تقلص المخزونات، ستحدث مشكلة في المستقبل. 

ضبط الإنفاق مع الاستثمار في المستقبل

في سياق متصل، شدد الجابر على أهمية الموازنة بين الانضباط المالي والاستثمار المستقبلي، قائلاً: "يجب علينا الموازنة بين الانضباط في التكلفة والاستثمارات الرأسمالية، والتركيز على الكفاءة، بينما نستثمر في الناس والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي".

وأضاف أن رأس المال متوفر لكنه يحتاج إلى هياكل تنظيمية سليمة لخفض المخاطر، وتوجيه التمويل إلى الأماكن الصحيحة. كما لفت إلى أهمية تحرير رأس المال الخامل المربوط بأصول البنية التحتية للطاقة القائمة، مؤكداً على أن هناك فرص ضخمة في هذا الصدد. 

كانت "كيه كيه آر" ومجموعة "بلاك روك" قد دخلتا في 2019 بأول استثمار أجنبي من نوعه في البنية التحتية لشركة طاقة حكومية في الخليج، عبر شراء حصة في خطوط أنابيب النفط التابعة لـ"أدنوك"، قبل أن تتخارجا العام الماضي من حصتهما البالغة 40% ببيعها إلى شركة "لونيت" الإماراتية، بحسب "بلومبرغ".

الصفقة تأتي ضمن توجه شركات الطاقة الوطنية في المنطقة إلى استقطاب رؤوس الأموال العالمية مع الحفاظ على ملكية الأصول الاستراتيجية. وعلى النهج ذاته، أبرمت أرامكو السعودية في أغسطس الماضي صفقة استئجار وإعادة تأجير بقيمة 11 مليار دولار لمرافق معالجة الغاز في حقل الجافورة، مع ائتلاف دولي بقيادة "غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز" التابعة لـ"بلاك روك".

تحذيرات بشأن نقص الاستثمار وسط ارتفاع طلب الطاقة

كان الأمين العام لمنظمة (أوبك) هيثم الغيص قال خلال جلسة بمؤتمر "أسبوع الطاقة الروسي 2025" في موسكو الشهر الماضي، إن قطاعي النفط والغاز بحاجة إلى مزيد من الاستثمارات، تماشياً مع توقعات بأن العالم سيحتاج إلى طاقة أكثر بنسبة 23% مقارنة بالمستويات الحالية، بحلول منتصف القرن.

وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلي أن العالم بحاجة لإنفاق 540 مليار دولار سنوياً على استكشاف النفط والغاز للحفاظ على مستويات الإنتاج حتى عام 2050، محذّرة أنه في حال عدم ضخ استثمارات جديدة، سيتراجع المعروض العالمي سنوياً بما يعادل إنتاج النرويج والبرازيل مجتمعين، أي أكثر من 5 ملايين برميل يومياً