صدى نيوز - قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه يعتقد أنه سيوقع اتفاقاً تجارياً مع الصين قريباً جداً، وأنه يعتزم زيارة بكين في أبريل، بعد قمة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية. 

وأضاف الرئيس للصحفيين على متن طائرة الرئاسة الأميركية "إير فورس ون" أنه لا توجد عقبات أمام المعادن النادرة مضيفا أن جميع المسائل المتعلقة بمعادن الأرض الناردة تمت تسويتها، بحسب "بلومبرغ".

وأضاف ترمب أنه عقد "اجتماعاً رائعاً" مع نظيره الصيني، وإنه سيخفض الرسوم الجمركية على الفنتانيل من 20% إلى 10% بأثر فوري. وقال: "أعتقد أنه (شي) سيبذل جهداً كبيراً لوقف القتل الذي يأتي إلى بلادنا".

نتائج اجتماع ترمب وشي

 قال ترمب إنهما توصلا إلى عدد من الاتفاقات لتخفيف حدة التوترات التجارية، وأن شي وافق على استئناف شراء فول الصويا. "لدينا – أعتقد أنها مجموعة رائعة من القرارات... اتخذنا الكثير من القرارات ".على حد قول الرئيس الأميركي.

وأضاف أنهما تطرقا أيضا إلى مسألة نفاذ شرائح "إنفيديا كورب" (Nvidia Corp) إلى السوق الصينية، لكنه أشار إلى أنه لن يمنح حق الوصول لأكثر شرائحها تطوراً المعروفة باسم "بلاكويل" (Blackwell).

بموجب الاتفاق، ستعلّق الصين العمل بنظام تراخيص تصدير العناصر الأرضية النادرة لمدة عام على الأقل.  "لا توجد عوائق إطلاقاً في مسألة العناصر الأرضية النادرة" بحسب ترمب الذي أضاف "نأمل أن يختفي ذلك قاموسنا لبعض الوقت".

الرئيس قال إنه يتوقع أن يتمكن من تمديد تلك القيود لفترة أطول، كما أعلن عزمه زيارة الصين في أبريل المقبل، على أن يزور شي الولايات المتحدة في وقت لاحق من العام المقبل.

اتفق الرئيسان أيضاً على التعاون في ملف أوكرانيا، وقالا إنهما سيزيلان الرسوم والتكاليف المفروضة على الشحن. وقال ترمب إنهما لم يتطرقا إلى قضية تايوان خلال الاجتماع الذي استمر نحو 90 دقيقة.

تهدئة الحرب التجارية

أنهى ترمب وشي قمتهما المنتظرة بشدة بعد حوالي ساعة ونصف الساعة يوم الخميس، مختتمين محادثات كانا يأملان أن تُهدّئ مواجهة تجارية واسعة هزّت الأسواق العالمية.

شوهد شي وترمب وهما يتصافحان في نهاية المحادثات قبل أن يسيرا معاً خارج الاجتماع في قاعدة جوية في بوسان، كوريا الجنوبية، على هامش قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ. وبعد المحادثات، غادر ترمب على متن طائرة "إير فورس ون" عائداً إلى واشنطن بينما واصل شي طريقه لحضور قمة "أبيك".

توقع ترمب "اجتماعاً ناجحاً للغاية" مع بدء المحادثات.

وكان من المتوقع أن يعمل شي وترمب على وضع اللمسات النهائية على تفاصيل اتفاق إطاري، تم التفاوض عليه خلال عطلة نهاية الأسبوع في ماليزيا، يقضي بتعليق الصين لنظام تراخيص المعادن الأرضية النادرة لمدة عام على الأقل، واستئنافها شراء فول الصويا الأميركي، وإحراز تقدم في مكافحة الفنتانيل، مقابل خفض الرسوم الجمركية الأميركية وربما تنازلات أخرى.

قال ترمب: "أعتقد أننا اتفقنا بالفعل على الكثير من الأمور، وسنتفق على المزيد الآن"، مضيفاً أنه يعتقد أن إتمام الصفقة ممكن. وأضاف "أعتقد أننا سنقيم علاقة رائعة لفترة طويلة من الزمن". 

قال شي لترمب إنه شعر "بدفء شديد عند رؤيته مرة أخرى"، وأضاف أنه مستعد لمواصلة العمل معه لبناء أساس متين للعلاقات الصينية الأميركية.

توترات أكبر اقتصادية في العالم "طبيعية"

أوضح شي: "ليس من الضروري أن نتفق دائماً، ومن الطبيعي أن يواجه أكبر اقتصادين في العالم بعض التوترات من حين لآخر". و"في مواجهة الرياح والأمواج والتحديات، يجب علينا أنا وأنت، على رأس العلاقات الصينية-الأميركية، أن نحافظ على المسار الصحيح وضمان استمرار الإبحار السلس للسفينة العملاقة للعلاقات بين الصين والولايات المتحدة". 

أشاد الزعيمان ببعضهما البعض عند افتتاح الاجتماع، ووصف ترمب شي بأنه "مفاوض صعب للغاية" و"قائد عظيم لبلد عظيم". 

أشاد شي بجهود ترمب في حل النزاعات العالمية، بما في ذلك في غزة وجنوب شرق آسيا، مؤكداً أن البلدين يمكن أن "يتقاسما مسؤولياتهما كدول كبرى ويعملا معاً لتحقيق المزيد" من أجل السلام. كما أشار زعيم الصين بطريقة ودية إلى شعار حملة ترمب الشهير، وقال: "أنا دائماً أؤمن أن تطوير الصين يسير جنباً إلى جنب مع رؤيتك التي تحمل شعار لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى". 

إنهاء المناورات التجارية بين الصين وأميركا

من المتوقع أن تساهم هذه النتائج، على الأقل في الوقت الراهن، في إنهاء شهور من المناورات التجارية التي شهد خلالها أكبر اقتصادين في العالم تهديدات متكررة بفرض سلسلة من الرسوم الجمركية والقيود على صادرات منتجاتهما.

ومع ذلك، من المرجح أن النتائج لن ترتقي إلى مستوى اتفاق شامل يعالج القضايا الجوهرية في المنافسة الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين.

شارك العديد من الحاضرين على طاولة اجتماع ترمب وشي في جولات المفاوضات السابقة. من الجانب الأميركي، حضر على الطاولة كلٌّ من الممثل التجاري الأمريكي جيميسون غرير ووزير التجارة هوارد لوتنيك، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الخزانة سكوت بيسنت، ورئيسة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، وسفير الولايات المتحدة لدى الصين ديفيد بيرديو. 

ومن الجانب الصيني، حضر نائب رئيس الوزراء خه ليفنغ وتساي تشي رئيس مكتب رئيس الدولة شي، ووزير الخارجية وانغ يي، ورئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح تشنغ شان جيه ووزير التجارة وانغ ون تاو ونائب وزير الخارجية ما زهاوكسو.

تفاصيل الإتفاق الأميركي الصيني

بدأت تفاصيل الاتفاق الإطاري تتكشف تدريجياً في الأيام التي أعقبت المحادثات في ماليزيا، وتشير المعطيات إلى أن شي قد يكون حصل على تخفيف هام للرسوم الجمركية مقابل تقديم تنازلات مؤقتة. 

توقع ترمب يوم الأربعاء أنه سيخفض الرسوم الجمركية بنسبة 20% التي فرضها على السلع الصينية نتيجة تصدير المواد الكيميائية التي تُستخدم لإنتاج الفنتانيل، مما يشير إلى أن بكين قد تتمكن من تأمين معدل رسوم على العديد من السلع يحافظ على قدرتها التنافسية مقارنة بالمنافسين الصناعيين الإقليميين الآخرين.

 رقائق إنفيديا

سَيُطبق هذا التخفيض بالإضافة إلى إلغاء الولايات المتحدة خطة فرض رسوم بنسبة 100% كانت إدارة ترمب قد هددت بتطبيقها في الأول من نوفمبر، فضلاً عن القيود المفروضة على تصدير مجموعة واسعة من البرمجيات الحيوية. من المتوقع أن تقوم إدارة ترمب بإلغاء الرسوم والرسوم الإضافية المفروضة على السفن الصينية.

كما ألمح الرئيس إلى أنه من المرجح أن يتخلى عن التحقيق في مدى التزام الصين باتفاق تجاري أوسع يعود إلى فترة رئاسته الأولى. 

كما تخطط الصين للضغط على واشنطن للتراجع عن قاعدة تُعرّض الشركات التابعة التي تمتلك شركات مدرجة على القائمة السوداء فيها حصة لا تقل عن 50% لنفس القيود المفروضة على الشركة الأم الخاضعة للعقوبات.  وقد فرضت هذه اللوائح على المصدرين التزامات إضافية تتعلق بالتحقق والفحص الدقيق قبل التصدير.

أضاف ترمب يوم الأربعاء عنصراً جديداً في المحادثات، مشيراً إلى استعداده لمناقشة إمكانية الوصول إلى  المعالج الرئيسي للذكاء الاصطناعي من شركة "إنفيديا" ويحمل اسم "بلاكويل". وسيُعد ذلك تنازلاً كبيراً، ومن المرجح أن يثير غضب صقور الأمن القومي في واشنطن.

المعادن النادرة

أما التنازل الأبرز من الجانب الصيني، فيتمثل في وعد بتأجيل توسيع نظام تراخيص المعادن الأرضية النادرة لمدة لا تقل عن عام، مع التعهد بإعادة تقييم البرنامج خلال تلك الفترة.

استخدمت بكين هذه القيود كورقة ضغط في المحادثات التجارية، مهددة بتقييد وصول الشركات الأميركية وحلفائها إلى المعادن الحيوية اللازمة للتصنيع التكنولوجي المتقدم للهواتف الذكية ومحركات الطائرات وغيرها من المنتجات واسعة الاستخدام. 

فول الصويا

تستأنف الصين أيضاً شراء فول الصويا، إذ حجزت شحنات لا تقل عن حمولتين من المحصول الأميركي، في أول عملية شراء معروفة لها هذا الموسم، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. ويمثل ذلك انتصاراً سياسياً لترمب، الذي شهد معاناة المزارعين في قاعدته الانتخابية جراء عجزهم عن تصريف الفائض الزراعي. 

من المتوقع أن يوافق شي أيضاً على صفقة بيع أنشطة "تيك توك" في الولايات المتحدة، التابعة لشركة  "بايت دانس"، إلى ائتلاف شكّلته إدارة ترمب.

ونسب ترمب إلى التطبيق الفضل في تعزيز شعبيته بين الناخبين الشباب، وفي مساعدته على العودة إلى البيت الأبيض.

من المتوقع أن يضغط ترمب على شي للحد من دعم روسيا في حربها بأوكرانيا، حيث وصف المسؤولون الأميركيون خططاً لمناقشة اتفاقية سلام عالمية. وقد تطلب واشنطن من بكين الحد من بيع ما يُعرف بالسلع ذات الاستخدام المزدوج.

أشار ترمب مؤخراً إلى انخفاض مشتريات الصين من النفط الروسي بعد العقوبات الأميركية على الشركات الروسية. غير أن التوقعات تشير إلى أن الصين لن تقدم على تدخل جدي، بعدما تقاربت أكثر مع موسكو منذ غزو أوكرانيا.

قضية تايوان

من جانبه، أبدى ترمب قبل الاجتماع عزماً على استبعاد قضية تايوان من المحادثات، رغم قوله مؤخراً إن الجزيرة ذات الحكم الذاتي هي "قُرَّة عين" شي. 

سعت الصين إلى الحصول على إعلان رسمي من الولايات المتحدة يفيد بأنها "تعارض" استقلال تايوان، بدلاً من الاكتفاء بقول المسؤولين الأمريكيين إنهم "لا يدعمون" هذه الخطوة.