صدى نيوز - افتتح الرئيس السوري أحمد الشرع لقاءه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في قصر الكرملين بالعاصمة الروسية يوم أمس الأربعاء بعبارة مازحة قال فيها: "عندكم درج طويل.. جيد أننا نلعب شوية رياضة حتى نستطيع أن نأتي إلى هنا دون أن نتعب".

وانتشرت هذه العبارة سريعا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث بادر المدونون والمحللون إلى تفكيك دلالاتها وقراءة ما تحمله من رسائل رمزية ودبلوماسية.

فقال ناشطون إن عبارة الرئيس أحمد الشرع لم تكن مزحة عابرة، بل كانت خطابا رمزيا سياسيا مدروسا بعناية حمل رسائل دقيقة لكل الأطراف، ونجح في المزج بين الدبلوماسية الذكية والثبات القيادي، ليقدم صورة القيادة السورية الجديدة بثقة ونضج أمام الداخل والخارج.

فقد رأى كثيرون أن حديث الشرع يحمل رسائل مبطنة، يمكن تلخيصها في 3 محاور أساسية: أولها رسالة ثقة بالنفس والقدرة، إذ يشير الشرع إلى أن الوصول إلى موسكو والتعامل مع روسيا لم يكن أمرا صعبا بالنسبة له، بل يؤكد من خلال عبارته أنه قوي وحازم ومستعد لمواجهة التحديات.

وهذا يوحي بثقة عالية بالنفس وبالقدرة على الصمود أمام الصعوبات، ويعكس صورة الزعيم الذي يتمتع بالهيبة والحضور بحسب بعض المغردين.

ورأى آخرون أنه تلميح ذكي للمقارنة حيث يتضمن حديث الشرع مقارنة غير مباشرة بين الجهد المبذول من قبل روسيا أو بيئتها، وبين قدرته هو على التكيف وتجاوز العقبات. وهو بذلك يقدم نفسه كشخص غير ضعيف ولا خاضع، بل قادر على التغلب على المصاعب مهما بلغ حجمها.

وأشار محللون إلى النبرة الدبلوماسية التي كانت مرحة لكنها حازمة، حيث استخدم الشرع المقارنة بالرياضة لتلطيف أجواء الحوار، لكنه في الوقت نفسه حمل في كلماته رسالة واضحة بأنه يقف بثبات ولا يمكن إرهاقه أو الضغط عليه بسهولة من قبل القوى الكبرى، ويجمع بذلك بين الدبلوماسية الذكية والثبات على الموقف.

وأشار عدد من المتابعين إلى عدة جوانب انعكست من خلال مزاح الشرع مع بوتين، فقد جاءت الجملة: "درج روسيا كان طويلً، لكننا كنا رياضيين، واستطعنا أن نصل إلى هنا دون تعب" كافتتاحية لخطاب سياسي محسوب بدقة، حيث يعد اختيار الكلمات الأولى في اللقاءات الثنائية أداة لإيصال رسائل رمزية عميقة دون مواجهة مباشرة أو إثارة الحرج. وقد استخدم الرئيس الشرع ما يعرف بـ"الخطاب الرمزي المهذب"، أي قول الحقيقة بطريقة لبقة لا تثير العداء.

وأشار مدونون إلى الرسائل الثلاث في مضمون الخطاب، أولها رسالة إلى روسيا أن القوة ليست كل شيء فاستخدم الشرع صورة "الدرج الطويل" كرمز للطريق الذي قطعته موسكو في تدخلها العسكري في سوريا، مجربة مختلف أشكال القوة والسلاح.

ومع ذلك، من وقفوا ضد هذا التدخل باتوا اليوم يصعدون درجات الكرملين مكرمين لا ملاحقين.

ورأى هؤلاء أن الرسالة هنا أن القوة العسكرية لا تغير مسار التاريخ، بل الإرادة والشرعية الشعبية هي التي تصنع المستقبل. وكأن الشرع يقول لبوتين بلطف: "درجكم طويل، لكننا وصلنا إليه رغم كل شيء… فربما لم يكن السلاح هو الطريق الأقصر.

ثانيا: رسالة إلى الداخل السوري بأن الثورة لم تنكسر حين جاءت عبارة "كنا رياضيين"، لتعكس روح الثورة السورية: الرياضي يتعب لكنه لا يستسلم، يسقط ثم ينهض، ويتنافس بشرف. جميعها رموز لقيم الثورة من كرامة وصبر وإصرار بلا كراهية. الرسالة: "لم نكن طلاب حرب، بل طلاب حرية".

وأخيرا رسالة إلى العالم قصد فيها الشرع أن الشعب السوري صاحب شرعية لا إرهاب.

وفسرها ناشطون أن الجملة تعيد رسم صورة الثورة السورية أمام المجتمع الدولي، فتقدمها بصورة النضج والثقة والقدرة على الحوار مع القوى الكبرى دون انكسار أو عنف أو تهديد أو حقد. خطاب الشرع هنا لغة دولة وقيادة، لا لغة جماعة أو معارضة، ليقول للعالم: "ها نحن في موسكو، لا كخصوم بل كقادة شركاء".

كما أشار بعض الناشطين إلى أن ذكر الشرع لصعوبة الدرج يرمز إلى محاولة إرهاق الضيوف في قصر الكرملين، ولكنه قلبها بدبلوماسية إلى رمز لياقة وقوة سياسية.

واعتبر مغردون آخرون أن الرسالة التي أراد الشرع إيصالها واضحة "قاتلتم طويلا لمنعنا من الوصول، لكن بعزيمتنا (لياقتنا) وصلنا أخيرا".