صدى نيوز - يصادف أول يوم اثنين من شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام اليوم العالمي للإسكان، الذي أقرّته الأمم المتحدة/برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (UN-Habitat)، وكذلك يوم الإسكان العربي، الذي أقرّه مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب.  ويُشكّل هذا اليوم محطةً سنوية للتأمل في أوضاع الإسكان وتسليط الضوء على التحديات والفرص التي تواجهها.

ويأتي اليوم العالمي للإسكان 2025 تحت شعار "حلول حضرية لمواجهة الأزمات"، مسلطاً الضوء على التحديات المتعددة التي تواجه المدن، وبخاصة تلك المرتبطة بالنزاعات، والتي تفاقم من حدة الأزمات.

وبهذه المناسبة، يستعرض الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أبرز المؤشرات المتعلقة بظروف السكن في فلسطين، وإبراز واقع الإسكان والتحديات التي تواجهه في ظل العدوان المستمر الذي يتعرض له الفلسطينيون على مدار عامين متواصلين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

الاحتلال يوسّع دائرة الدمار: تزايد هائل في أعداد المباني المتضررة في قطاع غزة نتيجة العدوان 

بلغ عدد المباني المتضررة نتيجة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 07/10/2023 وحتى 08/07/2025، نحو 190,115 مبنى، منها 102,067 مبنى مدمراً بشكل كامل، وهو الضِّعف مقارنة بما كانت عليه في العام الأول من العدوان، فيما بلغ عدد المباني المتضررة بشكل متوسط 41,895 مبنى.  وبلغ عدد الوحدات السكنية المتضررة منذ 07/10/2023 وحتى 27/09/2025 نحو 330,500 وحدة سكنية.

فلسطينيو الضفة الغربية بما فيها القدس يتعرضون لمزيد من التهجير القسري

منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى 31 أيار/مايو 2025، صعّدت إسرائيل من سياساتها الهادفة إلى التهجير القسري ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية بما فيها محافظة القدس، ففي مسافر يطا يواجه 1,200 فلسطيني خطر الترحيل بسبب إخطارات هدم المنازل، ورفض تصاريح البناء، وتشديد القيود على التنقل، إلى جانب اعتداءات المستوطنين اليومية.  ووفقاً للأمم المتحدة (أوتشا)، تم تهجير 6,463 فلسطينياً قسراً بسبب الهدم، و40 ألفاً آخرين من مخيمات مدينتي جنين وطولكرم بفعل العمليات العسكرية، إضافة إلى أكثر من 2,200 بسبب عنف المستوطنين.

وفي السياق ذاته، وحسب بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، قام الاحتلال الإسرائيلي خلال النصف الأول من العام 2025، ما مجموعه 380 عملية هدم، هدمت خلالها ما مجموعه 588 منشأة في الضفة الغربية، من ضمنها 322 مسكناً مأهولاً، بما فيها مدينة القدس، حيث بلغت عمليات الهدم في محافظة القدس 67 عملية هدم، خلفت 79 منشأة مهدومة.  وتشكل هذه الممارسات، التي تسعى إلى اقتلاع الفلسطينيين من منازلهم وأراضيهم، انتهاكاً لحقوق الإنسان في امتلاك السكن.

عدد عمليات الهدم والمنشآت المهدومة من قبل الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية خلال النصف الأول من الأعوام 2023-2025

نزوح واسع النطاق في ظل الهجوم البري الإسرائيلي المستمر على مدينة غزة

منذ بداية السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، يتعرض قطاع غزة لهجمات شرسة وعدوان واسع وإبادة جماعية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عن موجات كبيرة من النزوح القسري، حيث يقدر عدد النازحين بأكثر من مليونَيْ نازح حتى 11 تموز/يوليو 2025، وقد دُمرت أحياء ومدن بالكامل، بما في ذلك خيام اللاجئين والأبراج السكنية.  وأشارت التقديرات إلى وجود أكثر من مليون ساكن/نازح في مناطق خيام مكتظة بكثافة سكانية عالية، وفيما تبقى من المباني الصالحة للسكن في شمال القطاع فقط.

وقد أظهرت الصور الجوية التابعة لمركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية بين 4 و15 أيلول/سبتمبر 2025، أن آلاف الخيام التي أُقيمت في أراضٍ فارغة بين أنقاض مدينة غزة، على طول الساحل، وفي مناطق أقل تحضّراً في الشمال، قد اختفت، أو انخفض عددها بشكل كبير.  كما تُظهر الصور الجوية لمركز بلانيت لابز التي تم التقاطها في 15 أيلول/سبتمبر 2025، أن خيام النازحين ما زالت منتشرة على طول الطريق الساحلي جنوب ميناء غزة، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي أعلن أن حوالي 400 ألف فلسطيني غادروا المنطقة استجابة لأمر الإخلاء الإلزامي، ويُقدَّر أن أكثر من نصف مليون لا يزالون في شمال غزة.

5% من أسر الضفة الغربية تعيش في مساكن مكتظة

5% من الأسر في الضفة الغربية تسكن في وحدات سكنية ذات كثافة سكنية عالية (3 أفراد فأكثر للغرفة الواحدة)، وعلى مستوى نوع التجمع، بلغت 4.8% في الحضر، و3.6% في الريف، وارتفعت إلى 10.5% في المخيمات في العام 2024.

كما تجدر الإشارة إلى أن متوسط عدد الغرف في المسكن بلغ 3.6 غرفة العام 2024 في الضفة الغربية، وبلغ المتوسط 3.6 غرفة في الحضر، و3.7 غرفة في الريف، مقابل 3.2 غرفة في المخيمات.

85% من شبكات المياه والصرف الصحي مدمرة في قطاع غزة: أزمة إنسانية حادة

أظهرت التقييمات الأولية أن أكثر من 85% من مرافق وأصول المياه والصرف الصحي في قطاع غزة قد خرجت عن الخدمة كلياً أو جزئياً جراء العدوان الإسرائيلي، بتكلفة تقديرية لإعادة التأهيل تتجاوز 1.5 مليار دولار.  ويشمل ذلك محطات المعالجة والتحلية والضخ، والآبار، والخزانات، وخطوط النقل، وشبكات المياه والصرف الصحي.  وقد أدى هذا الدمار إلى تراجع حاد في معدلات التزوّد بالمياه لتتراوح بين 3–5 لترات فقط للفرد يومياً؛ أي أقل بكثير من الحد الأدنى الإنساني المقدر بحوالي 15 لتراً وفق معايير منظمة الصحة العالمية.

انخفاض في عدد الوحدات السكنية المرخصة في الضفة الغربية للعام 2024 مقارنة بالسنوات السابقة
بلغ عدد الوحدات السكنية المرخصة في الضفة الغربية (الجديدة والقائمة) 13,819 وحدة سكنية مرخصة، وذلك في العام 2024، في حين كانت 18,230 وحدة سكنية مرخصة في العام 2023، وذلك حسب السجلات الإدارية لإحصاءات رخص الأبنية للعام، 2023، والعام 2024.

في السياق الفلسطيني، يكتسب اليوم العالمي للإسكان بعداً خاصاً، حيث يعيش الشعب الفلسطيني في ظل تحديات متراكبة من نزاعات ونزوح قسري نتيجة الاحتلال، إلى جانب الضغوط الاقتصادية وتداعيات التغير المناخي.

هذه الظروف تضع المدن والمناطق الحضرية أمام أعباء متزايدة في توفير السكن اللائق والخدمات الأساسية، لا سيما في ظل التوسع العمراني وتزايد عدد السكان مع سيطرة الاحتلال على الموارد والمقدرات الفلسطينية، ويؤكد هذا اليوم على الحاجة الماسة لتبني حلول حضرية مستدامة توازن بين تلبية احتياجات السكان والنازحين على حد سواء.  إن معالجة أزمة السكن في فلسطين ليست مجرد استجابة إنسانية آنية، بل تتطلب رؤية تنموية طويلة الأمد تضمن حق الفلسطينيين في العيش بكرامة، والوصول إلى مأوى آمن وعدالة مكانية تعزز الصمود والاستقرار.