تقرير صدى نيوز- وسط أزمة مالية غير مسبوقة، تسابق الحكومة الفلسطينية الزمن لتأمين نسبة من راتب شهر تموز الماضي.

وعلمت "صدى نيوز" من مصدر مطلع أن السيولة النقدية المتوفرة لدى وزارة المالية حتى اللحظة لا تكفي لصرف نسبة من الراتب، لكن الحكومة تعمل في ثلاثة مسارات مختلفة لتأمين الدفعة اللازمة للصرف قبل نهاية الأسبوع الجاري، أولها التقدم بطلب إلى سلطة النقد للحصول على تسهيلات بقيمة (200)  مليون دولار، أما الثاني فهو تسريع تحويل المساعدات الدولية سواء المقرة سابقاً أو في مؤتمر المانحين الذي عقد مؤخراً في نيويوك، والثالث هو فتح ثغرة مع الجانب الإسرائيلي للافراج عن أموال المقاصة، لكن أي من هذه المسارات هو الأقرب لتأمين نسبة من الراتب في أقرب فرصة ممكنة؟

في المسار الأول والذي فيما يبدو بأنه أقصر الطرق، علمت"صدى نيوز" أن سلطة النقد ستدرس الطلب المقدم من الحكومة في اجتماع لمجلس إدارتها يوم الأربعاء المقبل، وفي حالة الموافقة على الطلب سيكون هناك احتمال ضئيل لصرف نسبة من الراتب قبل نهاية الأسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع المقبل. 

أما المسار الثاني والذي حتما بأنه يمكن أن يوفر سيولة أفضل، علمت "صدى نيوز" من مصدر مطلع أن هناك مباحثات فتحها وسطاء مع الجانب الاسرائيلي بهدف الافراج عن أموال المقاصة، لكن وزير المالية الاسرائيلي بيتسيئيل سموتريتش يرفض الافراج عن كافة الأموال المحتجزة، وما وصل من معلومات هو أن الجانب الاسرائيلي وافق فقط على تحويل ما تبقى من أموال المقاصة عن الشهور الخمسة الأخيرة التي لم يتم تحويلها بعد اقتطاع مخصصات قطاع غزة، والمخصصات المتعلقة برواتب الأسرى والأسرى المحررين والشهداء، والبالغة نحو (2)  مليار شيقل فقط. بينما تصر الحكومة الفلسطينية على الإفراج عن كامل الاحتجازات التي نفذتها سلطات الاحتلال منذ أحداث 7 أكتوبر 2023 مقابل مخصصات قطاع غزة، والبالغة نحو(4)  مليارات شيقل.

 وأكد المصدر ذاته أن المباحثات مازالت جارية للضغط على الجانب الاسرائيلي للافراج عن كافة الأموال، لكنه نفى ما يتم تداوله عبر بعض المنصات من موافقة اسرائيلية للافراج عن المقاصة.

وفي حال نجحت هذه المباحثات وأفضت إلى التوصل إلى اتفاق يقود إلى الإفراج عن أموال المقاصة سواء فيما يتعلق بالشهور الخمسة الأخيرة أو تلك القيمة المرتبطة بمخصصات قطاع غزة، فإنها ستقود حتماً إلى صرف نسبة أعلى.

وأشار المصدر إلى أن أمر النجاح في هذا المسار قبل نهاية الأسبوع واردة، لكنها غير مضمونة. علماً أن أموال المقاصة المحتجزة عند الجانب الاسرائيلي تزيد حسب مصادر حكومية عن (10) مليارات شيقل عدا الأموال المحتجزة خلال الشهور الخمسة الماضية.

أما المسار الثالث، فيتعلق بتسريع وصول أموال المانحين، فهناك دفعة من البنك الدولي تصل قيمتها إلى (95) مليون دولار من المتوقع أن تأخذ إجراءات تحويلها عدة أيام،  ربما ستطول إلى الأسبوع المقبل، فيما يمكن تأمين دفعة من منحة الاتحاد الأوروبي بقيمة (40) مليون يورو، كما يجري تسريع وصول مساعدات أخرى من فرنسا بقيمة (8) ملايين يورو، ومن النرويج بقيمة (5) ملايين دولار، وفي حالة النجاح  في تأمين المطلوب من هذا المسار دون النجاح في المسارين الآخرين قريباً، فإن ذلك يعني صرف نسبة من الراتب، لكنها لن تكون هذا الأسبوع غالباً.

وكانت الحكومة الفلسطينية عقدت مؤخراً اجتماعاً فنياً مع المانحين وصفت مخرجاته بالايجابية، إذ جرى خلاله التأكيد على ضرورة توسيع صندوق الطوارئ الذي أعلن عنه في مؤتمر نيويورك، بمعنى أن يشمل دولاً أخرى ويرصد مبالغ إضافية. وعلمت "صدى نيوز" أن هذا الاجتماع قرر استهداف مزيد من المانحين في صندوق الطوارئ بدلاً من (17) جهة مانحة حالياً، بينما لم تكن هناك سوى (5) جهات مانحة خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يؤكد حصول اختراق لتجنيد أموال من المانحين.

واتفقت الحكومة مع المانحين خلال الاجتماع على عدم الاكتفاء بالمبالغ التي تم رصدها في مؤتمر نيويورك والبالغة (198) مليون دولار، وإنما سيصار إلى تأمين مبالغ إضافية، وسط تعهدات من بعض الدول بألا تكتفي بالمساعدات التي أعلن عنها في المؤتمر، وإنما ستعلن عن دفعات أخرى لكنها لم تحدد قيمتها بعد، ولم تؤكد إن كانت شهرية أم لا.

وأكد المصدر أن الاجتماع اتفق على تسريع إجراءات التحويل الخاصة بالمنح، والتي تمر عبر عدة طرق، منها دعم مباشر وآخرى عبر آلية البنك الدولي، وثالثة عبر آلية الاتحاد الدولي، ولكل منها إجراءاتها الخاصة، لكنه قلل من احتمالية تأمين اي من هذه المساعدات خلال هذا الأسبوع.

وكان وزير الخارجية السعودي أعلن عن إطلاق "التحالف الدولي الطارئ لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية" بالشراكة مع عدد من الدول، مشددا على أن "هذا الدعم لا يعفي إسرائيل من مسؤوليتها في تحويل جميع العائدات المالية الفلسطينية بشكل فوري، ووقف ممارساتها الهدامة".

وطالبت السلطة الوطنية بدعم شهري بقيمة (200) مليون دولار أي قرابة 1.2 مليار دولار لمدة ستة أشهر لتمكينها من القيام بالحد الأدنى من التزاماتها وسط الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها وسط رفض الاحتلال الإسرائيلي تحويل أموال المقاصة الشهرية التي تشكل قرابة 68% من إجمالي إيرادات الخزينة العامة.

وتحتاج السلطة الوطنية إلى قرابة (400) مليون دولار شهرياً، للإيفاء بالتزاماتها سواء على صعيد دفع فاتورة الرواتب أو النفقات التشغيلية أو خدمة الدين العام.
ورغم المسارت الثلاثة التي تسلكها الحكومة لتأمين دفعة من الراتب، غير أن أي منها لم يتحقق واقعاً على الأرض، لذا يظل موعد صرف الراتب ونسبته غير محسومة، رغم التوجهات الجادة لتوفير السيولة اللازمة في أسرع وقت ممكن، في محاولة لصرف نسبة من الراتب قبل نهاية الأسبوع الجاري، أو مطلع الأسبوع المقبل.

كما أن نسبة صرف الراتب وفق المعطيات الحالية ستظل غير معلومة، إذ سيجري حسم هذا الأمر بعد التأكيد من السيولة المتوفرة  من المسارات الثلاثة، غير أن نسبة الـ60% وحد أدنى (3) آلاف شيقل، يظل الخيار المرجح إلا أذا أعلن قريباً عن حصول انفراجة في أموال المقاصة، وهو أمر ليس مستبعداً، لكنه قد لا يكون قريباً.