صدى نيوز -تقترب إسرائيل وسوريا من توقيع اتفاقية أمنية تُعيد تأكيد الاتفاق المبرم بينهما بعد حرب أكتوبر عام 1973، حسبما نقل موقع "المونيتور" عن مصادر دبلوماسية، أكدت أن الاتفاق "قد يكون وشيكًا"، مشيراً إلى "لقاء تاريخي" مرتقب بين الرئيس السوري أحمد الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في نيويورك.
وأوضح الموقع أن الاتفاق المُرتقب "لا يرقى إلى مستوى اتفاق سلام أو تطبيع، ولكنه مع ذلك خبرٌ سارٌ لإسرائيل وسوريا والمنطقة بأسرها، وللرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، خاصة أن إدارة ترامب بذلت جهودًا مُتضافرة للتوسط في التفاهم بين الجارتين، بقيادة السفير الأمريكي لدى تركيا توماس باراك.
وقال "المونيتور" إنه وفي أحدث مؤشر على أن الجهود الأمريكية تؤتي ثمارها، تجري الاستعدادات للقاء تاريخي هذا الشهر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس السوري أحمد الشرع على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وكان الشرع قال لمجموعة صحفيين يوم أمس الأربعاء إن المفاوضات الجارية مع إسرائيل بشأن اتفاقية أمنية قد تُسفر عن نتائج "في الأيام المقبلة".
وحسب "المونيتور" فإنه، وفي حال عدم حدوث صدام جديد بين الحكومة السورية والأقلية الدرزية في البلاد، يبدو أن الاتفاق الناشئ هو الإنجاز الأبرز لطموحات ترامب في تحقيق السلام العالمي. وأضاف أنه من شأن اتفاق بين جارتين خاضتا حروبًا مريرة في الماضي أن يُسهم، إلى حد ما، في تعويض خيبات أمل حملته لإنهاء حرب إسرائيل في قطاع غزة والصراع الروسي الأوكراني.
ونقل الموقع عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى اشترط عدم الكشف عن هويته أن "إسرائيل ماضية بكل قوتها في هذا الاتفاق لأنه الخيار الأسهل".
وأضاف: "يعلم نتنياهو أنه يتجاوز الحدود بهجومه الواسع على غزة، ويختبر صبر ترامب يوميًا".
وأشار المصدر إلى أن صبر مساعدي ترامب المقربين بدأ ينفد بعد قرابة عامين من الحرب في غزة، رغم الجهود المتكررة التي بذلها نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر لتهدئة مخاوفهم.
ومن وجهة نظر إسرائيل، "إن السبيل لتخفيف الضغط هو إظهار التقدم على الجبهة السورية. إذا حقق ترامب الإنجاز الذي يصبو إليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة - مع عناوين رئيسية تصفه بأنه "صانع السلام التاريخي" بين إسرائيل وسوريا - فسيضمن لنا ذلك فترة أخرى من حرية العمل في غزة"، حسبما قال المصدر الدبلوماسي.
وجود أمريكي محتمل
وقال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى لـ"المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه على الرغم من أن الاتفاق مع دمشق سيتضمن انسحابًا إسرائيليًا من المواقع التي سيطرت عليها منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، إلا أن هذا الانسحاب سيكون تدريجيًا. ولم يُتفق بعد على انسحاب إسرائيلي من الجانب السوري ذي الأهمية الاستراتيجية لجبل الشيخ، ولكن وفقًا للمسؤول الرفيع، يدرس الجانبان خيار وجود أمريكي هناك ليحل محل القوات الإسرائيلية. وأضاف: "لا تزال هناك قضايا أخرى عالقة، لكن المبدأ واضح، وفرص تحقيق اختراق وتوقيع اتفاق تتحسن باستمرار".
بالإضافة إلى الانسحاب العسكري الإسرائيلي، سيتضمن الاتفاق التزامًا سوريًا بمنع أي نشاط عدائي من أراضيها ضد إسرائيل.
وكان ديرمر التقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني 3 مرات على الأقل خلال الأسابيع الأخيرة، وهي اجتماعات تُمثل بحد ذاتها تطورًا مهمًا، كما أن اتفاقًا بوساطة أمريكية مع إسرائيل من شأنه أن يعزز مكانة الحكومة الجديدة دوليًا وإقليميًا، ويساعدها على ترسيخ سلطتها وإعادة بناء نفسها بعد ما يقرب من 15 عامًا من الحرب الأهلية.
قال المصدر الدبلوماسي الرفيع إن "هذا التقارب في المصالح بين الجانبين نادرٌ جدًا في الصراع العربي الإسرائيلي". وأضاف: "بالنسبة للسوريين، الأولوية القصوى هي استقرار النظام واكتساب الشرعية. أما بالنسبة لنتنياهو، فإن الاتفاق يهدف إلى إرضاء ترامب، وتعزيز شعبيته المتراجعة، ومواصلة الحرب في غزة - كل ذلك بتكلفة زهيدة".
عقبات التنفيذ
رغم هذه المصالح المشتركة القوية، قد يواجه تنفيذ مثل هذا الاتفاق عقبات كبيرة. ولا يزال كثيرون في الجيش والاستخبارات الإسرائيلية متشككين بشأن الشرع، ويتساءلون عما إذا كان يمكن الوثوق بزعيم ذي صلات سابقة بجماعات متطرفة كرجل دولة مسؤول ذي توجه غربي.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير سابق لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "هناك مؤشرات واضحة على أن الجيش السوري يُخلي الآن ما تبقى لديه من أسلحته الثقيلة، بما في ذلك الدبابات، من جنوب البلاد، والإشارات الواردة من دمشق إيجابية". ومع ذلك، حذّر من أن العديد من التحديات والعقبات تنتظرنا، "ولسنا متأكدين من كيفية التغلب عليها".
ومن بين نقاط الاشتعال المحتملة ما يتعلق بالحرية التي تتمتع بها إسرائيل في المجال الجوي السوري منذ سقوط حكومة الأسد وتحالفها مع طهران ــ وهي الميزة التي استخدمتها إسرائيل لتنفيذ غارات جوية ضد أهداف إيرانية.