صدى نيوز - يواصل جيش الاحتلال استخدام جهات محلية عبر تشغيل ميليشيات مسلحة في قطاع غزة، وسط مخاوف أمنية إسرائيلية من تحوّل هذه المجموعات، التي حصلت على رواتب وصلاحيات ميدانية واسعة، إلى قوة منفلتة خارجة عن السيطرة.
وأوضح ضباط وجنود يخدمون في غزة أنّ الظاهرة بدأت مع استخدام مواطنين محليين منذ اندلاع الحرب كدروع بشرية خلال تفتيش الأنفاق والمباني، لكن خلال الأسابيع الأخيرة "توسّع التجنيد ليشمل مجموعات كاملة تعمل أحيانًا خارج السيطرة المباشرة للقوات الإسرائيلية".
وكشفت تقارير إسرائيلية ومصادر محلية أنّ جيش الاحتلال شرع خلال العام الماضي بتشغيل ثلاث ميليشيات محلية في قطاع غزة، هي: مجموعة أبو شباب، وتشكيل يقوده رامي حلس في شمالي قطاع غزة، ومجموعة ثالثة يقودها ياسر حنيدق في خانيونس.
وأفادت التقارير أن هذه المجموعات تعمل بتنسيق مباشر مع القوات الإسرائيلية، وتحظى بدعم لوجستي ورواتب، في إطار مساعٍ لتقويض سيطرة حركة "حماس" على القطاع، فيما أفاد جنود وضباط تحدثوا لصحيفة "هآرتس" أن جيش الاحتلال وسع من استخدامه لهذه الميليشيات.
وأشار الجنود إلى أنّ كل ميليشيا تضم عشرات المسلحين، ومعظمهم ينتمون إلى عائلات كبيرة ومعروفة في غزة. وبيّنوا أن هذه المجموعات تحصل، إلى جانب الأموال، على تصاريح لحمل السلاح، ما يمكّنها من تحقيق مكاسب إضافية عبر السيطرة على طرق مرور شاحنات المساعدات، والحصول على امتيازات لإقامة خيام في مناطق تجمع النازحين.
ووفق التقرير، فإنّ الشاباك هو المسؤول عن تجنيد قادة هذه الميليشيات وعناصرها، بخلاف ما كان يُعرف سابقًا باسم "الشاويشيم" (عبرنة لجمع كلمة "شاويش") الذين كُلّفوا بمهام ثانوية، إذ باتت الميليشيات تنفذ عمليات ميدانية كبيرة مهمة.
ويتركز نشاط هذه الميليشيات جنوبي القطاع، خصوصًا في رفح وخانيونس. وفي 22 آب/ أغسطس الماضي، نشرت صفحة فيسبوك تابعة لياسر أبو شباب إعلان تجنيد لـ"رجال أمن"، حددت فيه الرواتب بـ 3,000 شيكل شهريًا للجندي و5,000 شيكل للضابط.
وأبدى ضباط إسرائيليون ميدانيون قلقهم من هذه الممارسة، إذ قال أحد القادة: "هذا يذكّر بمجزرة صبرا وشاتيلا، يبدو شيئًا قد ينقلب ضدنا. لا توجد سيطرة حقيقية عليهم، ولا يلتزمون بأي انضباط قيادي. غدًا قد يرتكبون مجزرة بعشرات المدنيين، فمن سيكون المسؤول؟".
وأضاف ضباط آخرون أن الجيش يشغّل هذه الميليشيات في المناطق الحساسة والمكتظة، حيث تتلقى "مهام كبيرة وذات أهمية"، بعدما كانت مكلّفة فقط بـ"الأعمال السوداء". وقال جندي إن الجيش والشاباك لم يعودا يخفون وجود هذه المجموعات.
وقال أحد الجنود "إنهم يتدرّبون على عمليات أمام أعيننا"، فيما أضاف مقاتل آخر في جيش الاحتلال: "رأيناهم في مجموعات من خمسة إلى عشرة مسلحين. أحيانًا يثيرون استنفار قواتنا لأنهم لا يبلغوننا بتحركاتهم".
وشرع جيش الاحتلال مؤخرًا بوضع إشارات لهذه الميليشيات في أنظمة القيادة والسيطرة التابعة له، كما لو كانت قوات رسمية. وقال ضابط في وحدة مركزية: "يخبروننا بشكل عام ما هي مهمتهم، لكن الهدف النهائي لا نعرفه. يطلبون منا ألا نعيقهم وأن نسمح لهم بالتحرك".
وتحدث ضباط ومقاتلون عن توتر متكرر مع هذه الميليشيات، بسبب عملها قرب القوات الإسرائيلية وتجاوزها طرقهم دون تنسيق، وهو ما يخلق "صعوبة كبيرة جدًا في التنسيق الميداني"، بحسب وصفهم.