صدى نيوز - اعتبر الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، تامير هايمن، أن "تحقيق النصر في الحرب على قطاع غزة" يستلزم "التوصل إلى صفقة أسرى ودفع نحو إقامة إدارة بديلة في غزة"، وذلك في مقال نشرته القناة 12 الإسرائيلية، اليوم السبت؛ وشكك في أن احتلال مدينة غزة ومخيمات المنطقة الوسطى قد يشكّل "تفكيك المعقل الأخير لحماس".

وكتب هايمن أن مفهوم "النصر" في الحروب الحديثة لم يعد مطابقًا لـ"الحسم الكامل"، إذ بات يُعرّف على أنه "تحقيق أهداف القتال المحددة سلفًا بكلفة مقبولة وبما يحسّن الواقع الأمني على المدى الطويل". وأضاف أن هذا الفهم يثير جدلًا في إسرائيل بين من يطالبون بحسم مطلق ضد حماس، بمعنى هزيمة الحركة عبر القضاء عليها، وبين من يكتفون ببلوغ الأهداف الأساسية.

وبحسب مقاله، فإن الأهداف التي وضعتها إسرائيل منذ بداية الحرب تضمنت "تفكيك حكم حماس في غزة، وإزالة التهديدات العسكرية ضد سكان إسرائيل، واستعادة الشعور بالأمن، وتعزيز الردع، وتهيئة الظروف لإعادة الأسرى". لكنه أوضح أن معظم هذه الأهداف "غير قابلة للقياس"، وأن ما تبقى في الجوهر هو "القضاء على حماس وإعادة الأسرى".

ورأى أن حماس لم تعد تملك القدرات السابقة، إذ "فُككت ألوية وقياداتها، ولا تدير قتالًا منظمًا"، لافتًا إلى أنها تحولت إلى "تنظيم يعمل بأسلوب حرب عصابات". واعتبر أن السيطرة على الأراضي، بما فيها غزة ومخيمات الوسطى، "ليست حسمًا بحد ذاتها"، بل مجرد "جزء من عملية طويلة تستهدف تآكل حماس".

واعتبر أن حماس "لم تعد تنظيمًا بقدرات عسكرية منظمة كما كان الحال قبل السابع من أكتوبر". مشيرا إلى أنها "فقدت صناعتها العسكرية، وأجهزتها الخاصة، وقواتها البحرية والجوية، إضافة إلى بنية القيادة والسيطرة". وأشار إلى أنها لا تزال تمتلك "نحو 10% فقط من ترسانتها الصاروخية، إلى جانب قرابة 10 آلاف بندقية و17 ألف مقاتل، معظمهم مجندون جدد يفتقرون للخبرة".

وأشار هايمن إلى أن "إسقاط سلطة حماس يتطلب إيجاد بديل مدني منافس"، محذرًا من أن غياب مثل هذا البديل يخلق "حلقة مفرغة" تسمح للحركة باستعادة نفوذها "عبر سيطرتها على المساعدات الإنسانية وقدرتها على تجنيد شباب غزة". وقال إن "كسر هذه الحلقة لن يتحقق بمجرد السيطرة على مدينة غزة".

وفي ما يتعلق بالأسرى، رأى أن الهدف يتمثل في "خلق ظروف تضغط على حماس لتفضيل صفقة على استمرار القتال"، معتبرًا أن المقابل الرئيسي الذي يمكن أن تقدمه إسرائيل هو "التنازل عن إنجازات ميدانية محدودة داخل القطاع". لكنه وصف المعضلة القائمة بأنها "كلما اقترب الجيش من صفقة، تُفسَّر في إسرائيل كدليل على قرب الحسم، فيُرفض التوصل إليها".

وقال إن "الثمن الذي ستحصل عليه حماس في صفقة الأسرى سيكون قابلاً للاحتواء. هذا الثمن سيعتمد بالأساس على تنازل إسرائيلي عن إنجازات ناتجة عن احتلال عسكري لأراضٍ داخل غزة"، مشددا على أن "القضاء على القدرات السلطوية لحماس، سواء من حيث هزيمتها كتنظيم أو من حيث تدمير قدرتها على الحكم، يمكن تحقيقه بشرط أن يُقام حكم آخر ينافسها".

وكتب هايمن أن "إسرائيل تسيطر اليوم على أكثر من 70% من مساحة القطاع، والضغط العسكري خلال العام الماضي دفع حماس إلى الصراخ طلبًا لصفقة وتقديم تنازلات، لكن هنا يكمن مأزق: في كل مرة يقود الضغط العسكري حماس إلى التنازل والدعوة إلى صفقة، يُنظر في إسرائيل إلى ذلك كعلامة ضعف تشير إلى قرب الحسم – وبالتالي يُحظر الموافقة عليها، إذ إن الاستجابة تعني التنازل عن الحسم 'بالذات عندما نكون قريبين جدًا منه'. وكلما شعرت حماس أنها أقوى، طالبت بمطالب مبالغ فيها، وهذا بالطبع لا يمكن القبول به، وهكذا نجد أنفسنا عالقين في حلقة متواصلة".

وتابع "هذه الواقع المعقد، الذي أوقعنا أنفسنا فيه بدوائر لا تنتهي، يجب أن يتوقف. يجب الاعتراف بأننا جلبنا حماس إلى أقرب نقطة ممكنة من الحسم، وأننا خلقنا الظروف لصفقة أسرى جيدة، وعلينا أن نناقش بجدية اقتراح استبدال حماس بحكم آخر برعاية عربية دولية".

وأضاف "نحن أقرب إلى النصر بكثير مما يبدو على السطح. ولتحقيقه نحتاج إلى التوصل إلى صفقة أسرى، والدفع نحو إقامة إدارة بديلة في غزة. كما أنه محكوم علينا أن نواصل استنزاف حماس (مواصلة استهداف الحركة) في قتال دون عتبة الحرب، بعد إعلان النصر".

وختم مقاله بالقول إن على إسرائيل "الاعتراف بأنها بلغت أقصى ما يمكن ضد حماس"، وأن الظروف الراهنة تتيح "عقد صفقة جيدة للأسرى والبدء بخطوات لتشكيل إدارة بديلة في غزة برعاية عربية–دولية"، مؤكدًا أن "الحسم النهائي ما زال بعيدًا، لكنه مشروط بوجود سلطة بديلة تُضعف حماس وتمنع تجدد قوتها".