صدى نيوز - مع نهاية الحرب العالمية الثانية، شهد العالم بداية الحرب الباردة التي مثلت نزاعا غير معلن وضع المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في مواجهة المعسكر الشرقي الذي تزعمه الاتحاد السوفيتي. إلى ذلك، عرفت السنوات الأولى التي تلت استسلام ألمانيا تزايدا ملحوظا في حدة الخلافات والتوتر بين الحلفاء. وقد مثلت الدول التي حررها الجيش السوفيتي ومستقبل ألمانيا أبرز نقاط الخلاف بين موسكو وحلفائها الغربيين.
وخلال العام 1947، استضافت موسكو مؤتمرا لوزراء خارجية الحلفاء بهدف النظر في القضية الألمانية. وبدلا من تهدئة الأجواء وتخفيف التوتر، تسبب هذا المؤتمر في خلافات صعدت من حدة الحرب الباردة.
مؤتمر حول ألمانيا
وما بين يومي 10 مارس (آذار) و24 إبريل (نيسان) 1947، استضافت العاصمة السوفييتية موسكو مؤتمرا لمجلس وزراء الخارجية. وبتلك الفترة، مثل هذا المؤتمر رابع اجتماع لهذا المجلس الذي سعى أعضاؤه جاهدين لإنهاء الخلافات بصف الحلفاء ونزع فتيل التصعيد بين موسكو وحلفائها الغربيين.
وبهذا المؤتمر، مثل جورج مارشال (George C. Marshall) الجانب الأميركي، ومثل إرنست بيفين (Ernest Bevin) البريطانيين، بينما ترأس الوفد الفرنسي وزير الخارجية جورج بيدول (Georges Bidault). وفي المقابل، كان وزير الخارجية السوفيتي فياتشيسلاف مولوتوف حاضرا لتمثيل المصالح السوفيتية. إلى ذلك، مثل مستقبل ألمانيا أهم نقاط الخلاف بهذا المؤتمر. فمنذ نهاية الحرب، لم يتم إبرام أية اتفاقية سلام مع ألمانيا، كما لم تتم بعد عملية تحديد حدودها ونظامها السياسي والمبالغ التي ستدفعها كتعويضات. من جهة ثانية، كانت ألمانيا عند انعقاد المؤتمر مقسمة لمناطق نفوذ بين الحلفاء الأربعة.
خلاف بين الحلفاء
وأثناء الاجتماع، طالبت كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا بإنشاء دولة ألمانية موحدة ديمقراطية وذات حكومة مركزية. وفي مقابل ذلك، رفض السوفييت هذا المقترح وتحدثوا عن دولة ألمانية منزوعة السلاح ذات نظام فيدرالي ويكون القسم الشرقي منها قابعا تحت النفوذ السوفييتي.
من جهة ثانية، طالب السوفييت بتعويضات ألمانية على شكل مزايا اقتصادية وصناعية. وفي الأثناء، رفض الأميركيون الأمر وتحدثوا عن إنشاء دولة ألمانية مستقرة اقتصاديا لتجنب تكرار ما حصل عام 1918. وعلى صعيد آخر، تحدث الأميركيون عن اعتماد ألمانيا لدستور جديد لضمان استقرارها السياسي، إلا أن ذلك لم يرق لموسكو التي طالبت بأن يكون إعداد الدستور الألماني تحت إشرافها.
وبسبب كل هذه الخلافات، اختتم المؤتمر أعماله دون أن يحقق أية نتيجة ليعرف بذلك فشلا زاد من حالة الانقسام بين الاتحاد السوفييتي وحلفائه الغربيين السابقين.
وبسبب ذلك، مال الجميع حينها نحو فكرة تقسيم ألمانيا لدولتين. ومع عودته نحو واشنطن، اقترح وزير الخارجية الأميركي فكرة خطة مارشال لتقديم مساعدات هائلة لحلفاء الولايات المتحدة الأميركية بأوروبا، مثيرا بذلك غضب موسكو التي أجبرت الدول الحليفة لها على رفض هذه المساعدات.
بالأشهر التالية، باشرت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا بالإعداد لعملية توحيد مناطق نفوذها بألمانيا تمهيدا لإعلان قيام دولة ألمانيا الغربية. وفي الآن ذاته، استعد السوفييت لإعلان دولة ألمانيا الشرقية بالقسم الألماني القابع تحت سيطرتهم.