صدى نيوز - قال تقرير أعده المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، إن عنف وإرهاب المستعمرين يتصدر المشهد في حرمان الفلسطينيين من مصادر المياه.

وسلّط المكتب في تقرير الاستيطان الأسبوعي الصادر، اليوم السبت، الضوء على مطمع المستعمرين واعتداءاتهم المتكررة على محطات وآبار المياه في منطقة عين سامية شرق كفر مالك، شمال شرق رام الله، التي تشكل عنوانا لمعاناة تتواصل بين تهجير للمواطنين، واعتداء على مصدر للمياه.

حيث تُعد عين سامية من أهم مصادر المياه الجوفية في منطقة شمال شرق رام اللّٰه، وتحتوي 5 آبار مياه عاملة، تتراوح أعماقها بين 100 و500 متر، وتقدر الطاقة الإنتاجية الإجمالية لآبارها بنحو 12,000 متر مكعب يوميا، وهي تمثل ما نسبته 17% من الكميات اليومية الموردة من مصلحة مياه محافظة القدس.

وتغذي آبار عين سامية 19 تجمعا سكانيا بشكل مباشر، وهي: دير دبوان، وبرقة، وبيتين، وعين ويبرود، وكفر مالك، والطيبة، ورمون، ودير جرير، وسلواد، والمزرعة الشرقية، وأبو فلاح، والمغير، وترمسعيا، وسنجل، وجلجليا، وعبوين، وعارورة، ومزارع النوباني.

كما تزود عين سامية أيضا 14 تجمعا بشكل مشترك من خلال محطة رام الله، وهي: دورا القرع، ومخيم الجلزون، وجفنا، وعين سينيا، وبيرزيت، وجامعة بيرزيت، وأبو قش، وعطارة، ودير السودان، وعجول، وجيبيا، وبرهام، وكوبر، وأبو شخيدم، والمزرعة القبلية.

ويصل إجمالي المستفيدين من مياه آبار عين سامية بشكل كامل وجزئي، ما يقارب 110,000 مواطن.

 وجاء في التقرير الأسبوعي، أن عشرات العائلات البدوية، من عشيرة الكعابنة، ارغمت على إخلاء تجمع، أقيم في المكان منذ 40 عاما على أملاك خاصة لأهالي كفر مالك، ومسجلة في الطابو، بموجب ترتيبات واتفاقات مع أصحاب الأراضي، مشيرا إلى تعرض التجمع لاعتداءات مستعمرين أقاموا في البداية أربع بؤر رعوية على التلال المحيطة بالتجمع، ونظموا حملات مركزة من الملاحقة والتهديد وتقليص مساحات الرعي ، ما اضطرهم لتفكيك منشآتهم والرحيل بعد ان أصبحت المنطقة موطنا لعشرات البؤر الرعوية الممتدة على مساحات متفرقة، تحاصر الرعاة، والبدو، وتضايق حتى المارة، ممن يستخدمون طريق المعرجات في المنطقة، في حين أن عديد البؤر مقامة بطرق غير قانونية حتى بموجب أنظمة الاحتلال، فإن أيا منها لم يتعرض للهدم، بل جرى شرعنتها بالتواطؤ والشراكة بين جيش وشرطة الاحتلال وعصابات الإرهاب، التي تخلق بيئة قسرية تهدد الوجود الفلسطيني في المنطقة .

ونوه إلى أنه بعد التهجير جاء الدور على مصادر المياه في المنطقة، فقد أعلنت مصلحة مياه محافظة القدس، الأسبوع الماضي عن توقف الضخ بشكلٍ كامل من آبار المياه والمحطات في منطقة عين سامية، نتيجةً لتصاعد اعتداءات المستعمرين على المنشآت، والمرافق الحيوية في المنطقة، وأن طواقمها فقدت السيطرة والتحكم التقني والإداري على كامل المنظومة المائية في عين سامية، بفعل سلسلة من الاعتداءات التي استهدفت على نحو مباشر شبكات الكهرباء، ومعدات الضخ، وأنظمة الاتصالات وكاميرات المراقبة، ما أدى إلى توقف العمل كلياً وتعطيل الضخ إلى عشرات القرى والبلدات الفلسطينية في شمال وشرق محافظة رام الله والبيرة

حيث حذرت مصلحة المياه من أن استمرار الوضع على ما هو عليه سوف يتسبب بكارثة تهدد أكثر من 110 آلاف مواطن بحرمانهم من حقهم الأساسي في المياه.

وأشار التقرير إلى أن سلطات الاحتلال تتحكم في مصادر المياه، وتُوزَّع المياه على الفلسطينيين عبر شركة "ميكروت" الإسرائيلية ، التي بدأت تدريجياً عبر سنوات بتخفيض كميات المياه المخصصة لهم، وهو ما يفاقم أزمة المياه في فصل الصيف، خاصة وأن الاحتلال يتحكم في نقاط التوزيع الإضافية في محافظة رام الله والبيرة، بالإضافة إلى اعتداءات المستعمرين على مصدر المياه للمصلحة في منطقة عين سامية، وتخريب ممتلكاتها، والاعتداء على طواقمها، بعد أن تعرضت محطة مياه فرعية في السهول الشرقية لقرية كفر مالك لهجوم شنه مستعمرون على شبكة الآبار والمضخات والأنابيب التي تسحب المياه من النبع وتخريبها، حيث لم يكن ذلك سوى واحد من عدة هجمات نفذها المستعمرون الذين يستهدفون الينابيع ومحطات المياه الفلسطينية عبر تخريبها، أو تحويل مسارها، أو السيطرة عليها.

ونوه التقرير إلى أن سكان المنطقة المذكورة كانت على امتداد سنوات هدفا لإرهاب جيش الاحتلال، وعصابات المستعمرين، وهو ارهاب نجح قبل سنوات قليلة في تهجير من تبقى مِن سكان تجمع عين سامية، الذين بلغ عددهم نحو 200 فلسطيني، اضطروا  إلى الرحيل عن أراضيهم،  بعد أن حول المستعمرون ومعهم جيش الاحتلال حياتهم الى جحيم ، لشدة ما عانوا خلال سنوات من عنف قوات الاحتلال، ومن تقييدات مشددة على بناء المساكن، وإنشاء البنى التحتية، بما في ذلك الهدم، ومن عنف المستعمرين الذي جرى بدعم كامل من جيش الاحتلال، وحتى من الجهاز القضائي الذي أجاز هدم مدرسة في المكان.

وأكد أن سياسة الاحتلال هذه كانت تمهد لما وصلنا إليه من اعتداءات منظمات ارهابية يهودية على مصادر المياه، ومن استيلاء على المزيد والمزيد من الأراضي الفلسطينية، ووضعها تحت تصرف المستعمرين، وفي خدمتهم.

وشددت على أن اعتداءات المستعمرين على مصلحة المياه في عين ساميه فاقمت أزمة حصول المواطن الفلسطيني على حقوقه من مياهيه، التي تسطو عليها سلطات الاحتلال، فمع كل فصل صيف، تتفجر أزمة المياه في عديد المحافظات في الضفة الغربية، غير ان محافظة رام الله والبيرة تظل تحت ضغط كبير لتوفير احتياجات متزايدة في ظل تعنت الجهات الإسرائيلية لزيادة الكميات المطلوبة الفلسطينيين، رغم النمو المطّرد في عدد السكان.

وتعيد اعتداءات المستعمرين على شبكة المياه في عين ساميه الى الذاكرة سياسة الاحتلال في السطو على مصادر المياه الفلسطينية، وسياسة التمييز، التي تمارسها في حق الحصول على المياه بين الفلسطينيين، والمستعمرين.

وبحسب التقديرات، فإن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على ما يزيد على 84% من المياه الفلسطينية في الضفة الغربية، وفضلا عن ذلك قامت سلطات الاحتلال بهدم ما لا يقل عن 500 بئر لتجميع المياه، واستولت على ما يزيد على 52% من المياه الفلسطينية في الضفة الغربية لصالح سكانها داخل اراضي 1948، وتستولي على 32% لصالح المستعمرات، وبذلك لا يتبقى لأصحاب الأرض والمياه سوى 16% من مياههم.

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية "اوتشا" وثّق في أحدث تقاريره إنه تم تهجير ما لا يقل عن 2895 فلسطينيا من 69 تجمعا سكانيا في شتى أرجاء الضفة الغربية منذ بداية العام 2023، بسبب البيئة القسرية الناجمة عن تصاعد عنف المستعمرين/ وكان ما نسبته 45% من الأسر المهجرة من محافظة رام الله (1309 من أصل 2895 أسرة)، تلتها محافظات الخليل وبيت لحم ونابلس وطوباس وسلفيت والقدس وأريحا – وهي مناطق شن فيها مستعمرون، يُعتقد بأنهم من بؤر استعمارية قريبة منها، هجمات على التجمعات السكانية الفلسطينية التي تقع بجوارها.

 ومن بين 636 شخصا هُجروا في هذا السياق حتى الآن من سنة 2025، كان ثلث هؤلاء المهجرين في منطقة غور الأردن (215 من أصل 636 شخصا مهجرا)".

على صعيد آخر، تتواصل مشاريع التهويد والاستعمار بأشكال متعددة في مدينة القدس المحتلة، حيث تناقش سلطات الاحتلال الدفع قدما نحو المصادقة على ما يُعرف بمخطط "الخط البني" للقطار الخفيف في مدينة القدس المحتلة، وهو مخطط استعماري خطير، وامتدادا مباشرا لسياسات التهويد وفرض السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المدينة المحتلة.

ونوه "المكتب الوطني" في تقريره إلى أن هذا المخطط لا يندرج ضمن إطار تحسين البنية التحتية، أو تقديم خدمات مدنية، بل هو محاولة لفرض وقائع أحادية الجانب بالقوة لتكريس خارطة المصالح الاستعمارية الإسرائيلية في مدينة القدس، إذ يهدف إلى ربط "المنطقة الصناعية" في مستعمرة "عطروت" بقرية صور باهر، مرورا بعدد من الأحياء والمناطق الفلسطينية في القدس الشرقية، تشمل رأس العامود، وجبل المكبر، وباب العامود، وبيت حنينا، والبلدة القديمة، لربط أحياء القدس الشرقية من الشمال إلى الجنوب، عبر مقطعين رئيسيين: المقطع الشمالي يبدأ من "عطروت" شمالا، حتى باب العامود، ويعتمد جزئيًا على مسار "الخط الأحمر"، وخاصة بين محطة "شيفتي يسرائيل" وبيت حنينا، ومن ثم شمالا على طول طريق رام الله (الشارع 60 القديم) حتى المنطقة الصناعية في عطروت، ويتضمن هذا المقطع تسع محطات جديدة، إلى جانب التوقف في سبع محطات قائمة، تُستخدم حاليا فقط من قبل "الخط الأحمر".

وأشار إلى أن حكومة الاحتلال تخطط لإقامة مستعمرة جديدة للتيار الحريدي، تضم نحو 9 آلاف وحدة استعمارية. وفي هذا الصدد تقول جمعية "بمكوم - تخطيط وحقوق الإنسان" التي تعارض المخطط إلى أن النقاش يتركز فقط على المقطع الشمالي من مسار الخط، وهو الجزء المطلوب لتنفيذ المشروع الاستعماري المذكور.

 وتضيف: رغم تقديم الخط البني كمشروع نقل عصري يخدم الفلسطينيين والإسرائيليين في المدينة، إلا أن الحقيقة هي أنه يُروَّج له أساسًا لخدمة المستعمرين، مع تجاهل شبه تام لاحتياجات السكان الفلسطينيين، الذين يعانون من الاكتظاظ، ونقص البنية التحتية، والخدمات الأساسية."

وجاء في التقرير: قرر ما يسمى وزير القدس الإسرائيلي "مئير بوروش"، من حزب "أغودات إسرائيل" اليميني الديني المتطرف الاستيلاء على عقارات في باب السلسلة بالقدس القديمة قبل ساعات من استقالته من منصبه.

وزعم أنه يستند في قراره إلى قرار كان صدر أصلاً بعد احتلال المدينة في العام 1967، ونص على الاستيلاء على جميع العقارات في منطقة باب السلسلة وحارة الشرف، والتي نُقلت بعد ذلك إلى إدارة شركة إعادة تأهيل وتطوير الحي اليهودي.

وتحت عنوان "مصادرة عقارات في شارع السلسلة"، وجّه بوروش رسالة إلى مدير شركة إعادة تأهيل وتطوير الحي اليهودي قال فيها: "بموجب القرار الذي اتخذته سلطة أراضي إسرائيل في أعقاب عودة البلدة القديمة في القدس إلى شعب إسرائيل في عام 1967 ( حسب زعمه ) تم الاستيلاء على جميع الممتلكات في الحي اليهودي، ونقلها إلى إدارة شركة إعادة تأهيل وتطوير الحي اليهودي".