صدى نيوز - في عملية استثنائية، وضع فريق المحامين الدولي المفوض عن الشعب الفلسطيني لدى مكتب المدعي العام والمحكمة الجنائية الدولية، برئاسة الكويتي الدكتور فيصل خزعل وعضوية التونسيين شوقي الطبيب وأكرم الزريبي والفلسطيني سهيل عاشور نقيب المحامين الفلسطينيين السابق، ملفًا يحتوي على معلومات استخباراتية لعمليات قام بها سلاح الجو الإسرائيلي على قطاع غزة في فترة الحرب الإيرانية الإسرائيلية، مما يضع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في وضع محرج ويعمق كشف العمليات الإجرامية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.  

وأفاد مصدر مسؤول في مكتب المدعي الدولي، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب تتعلق بالسلامة المهنية، بأن فريق المحامين الدولي قدم اليوم الأحد ٢٠ يوليو ٢٠٢٥ ملفًا خاصًا بتقنيات عسكرية قام بها سلاح الجو الإسرائيلي، تتعلق بتعديل الطائرات الحربية التي استُخدمت في الحرب بين إيران وإسرائيل هذا العام ٢٠٢٥، والتي تجبر الطيارين الإسرائيليين بالتخلص من حمولة الذخائر المحملة على طائراتهم الحربية قبل هبوطها في قواعدها بعد انتهاء مهماتهم ضد الأهداف في إيران، حيث فضلوا إلقاءها على المدنيين في غزة بدلًا من إلقائها في البحر الأبيض المتوسط حسب البروتوكولات العسكرية، ضمنها الفريق الدولي في المذكرة التي حملت رقم ٢٥. كما قدموا كذلك مذكرة أخرى مستقلة ومنفصلة بخصوص مجازر قوات الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين تم تصفيتهم ميدانيًا أثناء قيامهم بتلقي المعونات الغذائية والطبية خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية.  

وفي تعليق خاص لرئيس فريق المحامين الدولي، الدكتور فيصل خزعل، قال: "من الطبيعي أنني لن أستطيع كشف جميع التفاصيل المقدمة لحساسيتها وتحصين موقف التحقيق، ولكن استنادًا إلى ممارسة سلاح الجو الإسرائيلي لإلقاء فائض الذخائر على غزة خلال رحلات العودة من مهمات إيران، فإن هناك خطرًا محددًا على سلامة الطيران، وهو تزايد خطر انفجار خزانات الوقود التي قام سلاح الجو الإسرائيلي بتركيبها على الجسم الأصلي للطائرات الحربية، لأن فيزياء انفجارات خزانات الوقود الفارغة جزئيًا أثناء الهبوط تشكل خطرًا بسبب نسبة البخار إلى الهواء، حيث تحتوي خزانات الوقود الإضافية، عندما تكون فارغة جزئيًا، على مزيج متطاير من أبخرة الوقود والهواء. وهذا يُنتج تركيزًا انفجاريًا مثاليًا (عادةً ما تتراوح نسبة الوقود إلى الهواء بين ١٪ و٨٪ لوقود الطائرات). فمخاطر الاشتعال أثناء الهبوط مثل الكهرباء الساكنة الناتجة عن ملامسة عجلات الهبوط للمدارج، وشرارات احتكاك ناتجة عن تلف مكونات الطائرة، أو أعطال كهربائية في أنظمة مضخات الوقود. وللوصول إلى أهداف إيرانية بعيدة، ركّبت طائرات إف-١٥/١٦ الإسرائيلية حاويات وقود خارجية، مما زاد من إجمالي سعة الوقود بنسبة ٤٠-٦٠٪. وتفتقر هذه الخزانات غير المدمجة إلى أنظمة التخميد المتقدمة (مثل تطهير غاز النيتروجين) الموجودة في الطائرات الأمريكية الحديثة، مما يجعلها أكثر عرضة للانفجارات".  

ومن المعروف أن هذه ليست العملية الأولى التي يقوم بها الدكتور فيصل خزعل بكشف معلومات استخباراتية ضد الاحتلال، فقد سبق أن كشف في مطلع أكتوبر ٢٠٢١ مخطط الاحتلال السري لفصل القدس عن محيطها الفلسطيني من خلال (خطة غفعات همتوس) و(خطة عطروت)، والتي سرعان ما صادق الاحتلال عليها بعد كشفها في ١٣ أكتوبر ٢٠٢١، حيث قامت بعدها وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بإصدار بيان تطالب بتدخل أمريكي عاجل لوقف عمليات فصل القدس عن محيطها الفلسطيني، وكذلك الرئاسة الفلسطينية التي أصدرت بيانًا تحذر من مغبة الخطط الاستيطانية في محيط القدس المحتلة.  

وأكمل الدكتور خزعل تصريحه قائلًا: "الخيار الإجرامي لإسرائيل كان غزة كمنطقة إغراق عسكري، متجاهلة البدائل الممكنة. فعلى سبيل المثال، كان التخلص من الذخائر فوق البحر الأبيض المتوسط إجراءً قياسيًا لحلف شمال الأطلسي بموجب المادة ٥٧ من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للطائرات الإسرائيلية الحديثة، مثل إف-٣٥، الهبوط بأمان مع ذخائر غير مستخدمة؛ وعليه فإن أي ادعاء لسلاح الجو الإسرائيلي بوجود ضرورة تشغيلية لن يكون صحيحًا. حيث تؤكد اتصالات سلاح الجو الإسرائيلي التي سُرّبت أن الغارات كانت مرتجلة وليست مُخططًا لها مسبقًا ضد أهداف عسكرية. ومن جهة أخرى، فإن كثافة سكان غزة (٥٥٠٠ نسمة/كم²) جعلت الخسائر المدنية حتمية، منتهكة بذلك مبدأ التناسب لنظام روما الأساسي، والذي تم انتهاكه من خلال توجيه هجمات عمدًا ضد أهداف مدنية، واستخدام أساليب حربية من شأنها أن تُسبب إصابات لا مبرر لها، وحظر الاعتداء على الحياة والسلامة البدنية ضد المدنيين، خصوصًا أن البروتوكول الأول، المادة ٥١(٤) تحظر الهجمات العشوائية. وعليه، فإن بروتوكولات السلامة لا تُبرر جرائم الحرب، وقد اختار سلاح الجو الإسرائيلي أطفال غزة على مياه البحر الأبيض المتوسط الفارغة للتخلص من حمولات طائراته الحربية من الذخائر قبل هبوطها".  

ومن جهة أخرى، قدم فريق المحامين الدولي مذكرة خاصة ومستقلة بخصوص مجازر قوات الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين تم تصفيتهم ميدانيًا أثناء قيامهم بتلقي المعونات الغذائية والطبية خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية، حيث تقدم الفريق بالملحق رقم ٢٤ إلى مكتب المدعي الدولي في المحكمة الجنائية الدولية بإلحاح شديد، موثقًا ارتكاب إسرائيل المتواصل للإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في غزة. ورغم دعوات المحكمة الجنائية الدولية المتكررة للمساءلة، تُصرّ قوات الاحتلال على ذبح المدنيين الفلسطينيين بشكل ممنهج، بما في ذلك الاستهداف المتعمد لطالبي المساعدة واستخدام التجويع كسلاح.  

واحتوى الملحق على أدلة دامغة على أحدث الفظائع التي ارتكبها الاحتلال، بما في ذلك مذبحة المدنيين الذين ينتظرون المساعدات الإنسانية، كما أفادت وكالة وفا في ١٩ يوليو ٢٠٢٥، والتي أسفرت عن مقتل ٩٨ فلسطينيًا وإصابة ٥١١ آخرين في غضون ٤٨ ساعة فقط، حيث أُعدم طالبو المساعدة الجائعون. وهي فظائع متكررة فُصّلت لأول مرة في الملحق الذي قدمه فريق المحامين الدولي رقم ٢٣ بتاريخ ٣٠ يونيو ٢٠٢٥ الماضي، وتتكرر الآن دون عقاب. فقد بلغ إجمالي عدد القتلى الفلسطينيين ٥٨٧٦٥ فلسطينيًا، معظمهم من النساء والأطفال، وفقًا لما أكدته السلطات الصحية في غزة.  

وفي طلباته، ناشد رئيس فريق المحامين الدولي الدكتور فيصل خزعل المحكمة الجنائية الدولية إلى توسيع نطاق أوامر الاعتقال لتشمل جميع الأفراد المدرجين في الشكوى، والذين لا تقبل المسؤولية القيادية عن هذه الجرائم الجدل، وإصدار تدابير حماية فورية بموجب المادة ٥٧(٣) من نظام روما الأساسي لوقف الهجمات على المدنيين والقوافل الإنسانية. كما طلب من المحكمة الجنائية الدولية الإدانة العلنية لعرقلة إسرائيل للعدالة، بما في ذلك رفضها الامتثال لتحقيقات المحكمة.  

يذكر أن فريق المحامين الدولي يواصل نضاله الدؤوب منذ تكليفه رسميًا في أكتوبر ٢٠٢٣. وخلال هذه الفترة، خاض الفريق معارك قانونية وسياسية شديدة التعقيد، منها مواجهة التهديدات الصريحة التي وجهها أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي للنائب العام الدولي والعاملين في المحكمة الجنائية الدولية. كما نجح الفريق في إفشال الهجوم القانوني الذي شنه ممثلو ٦٠ دولة في المحكمة ضد الحق الفلسطيني. ومن الإنجازات القانونية المهمة للفريق تطوير معيار علمي وقانوني لتوثيق عدد الشهداء في الحالات التي تختلط فيها الأشلاء بسبب شدة القصف، حيث حدد الفريق أن كل ٧٠ كيلوغرامًا من الأشلاء البشرية تمثل شهيدًا واحدًا. كما قدم الفريق حتى الآن ٢٥ مذكرة قانونية مدعمة بآلاف الصفحات من الأدلة والوثائق، وخاض في سبتمبر ٢٠٢٤ معركة قضائية بالغة الأهمية في المحكمة الجنائية الدولية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية ومنع الاحتلال من التلاعب بوقائع الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧. وآخر ما قدموه كان التصدي الكبير لطلب تقدم به نائب المدعي العام الإسرائيلي، جلعاد نوعام، في ٩ مايو ٢٠٢٥، يطعن فيه باختصاص المحكمة الجنائية الدولية في النظر بجرائم الحرب المرتكبة في غزة، ويطالب بسحب أوامر الاعتقال وتعليق التحقيقات الجارية، حيث دمر الفريق جميع دفوع الجانب الإسرائيلي. ورفضت المحكمة الجنائية الدولية في ١٦ يوليو الجاري طلب إلغاء مذكرات اعتقال وتعليق التحقيق ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير جيشه السابق يوآف غالانت.