صدى نيوز - كشف فريق من العلماء في دراسة حديثة نُشرت هذا الأسبوع عن آلية بيولوجية جديدة قادرة على حماية الدماغ من التدهور المرتبط بمرض ألزهايمر، وذلك عبر ما وصفوه بـ"المفتاح السكري" الذي يعزّز النشاط الخلوي ويحمي الخلايا العصبية من التلف.

وقد أُجريت الدراسة على خلايا دماغية بشرية نُميت مخبريًا، وتمكّن الباحثون من تتبّع تأثير السكريات الدقيقة على النشاط العصبي والوقاية من العوامل المرتبطة بالخرف، بحسب ما نشره موقع "ساينس ديلي".

وتُعد هذه الدراسة اختراقًا علميًا في فهم التفاعلات الأيضية داخل الخلايا العصبية، خصوصًا في ما يتعلق بآليات الشيخوخة والتدهور العصبي.

ووفقًا للباحثين، فإن بعض التركيبات السكرية الدقيقة الموجودة على سطح الخلايا، عند تحفيزها بشكل موجّه، تؤدّي إلى تحسين أداء الميتوكوندريا (مراكز إنتاج الطاقة في الخلية) وتقليل الإجهاد التأكسدي، وهو أحد الأسباب الرئيسية لتراجع القدرات المعرفية مع التقدّم في العمر.

وقد أظهرت النتائج أن تفعيل هذا "المفتاح السكري" أدى إلى خفض تراكم بروتينات "تاو" و"بيتا-أميلويد"، وهما من المؤشرات البيولوجية الأساسية لمرض ألزهايمر.

كما لاحظ الباحثون أن الخلايا العصبية التي عُولجت بهذه الطريقة شهدت ارتفاعًا في كفاءة الاتصال العصبي بنسبة 20٪ مقارنة بالخلايا الضابطة، ما يشير إلى تأثير محتمل على وظائف الذاكرة والتركيز.

ويأتي هذا الاكتشاف في وقت تشتد فيه الحاجة إلى حلول جديدة وفعالة لمرض ألزهايمر، الذي يُصيب أكثر من 55 مليون شخص حول العالم. ومع أنّ العلاجات الحالية تركز على تقليل الأعراض أو إبطاء التدهور، فإن هذه الدراسة تُمهّد لتوجه مختلف كليًا، يقوم على تعزيز قدرة الخلايا العصبية على حماية نفسها ذاتيًا، من خلال تنشيط مسارات التمثيل الغذائي المرتبطة بالسكر.

وأكد فريق البحث أن هذه النتائج ما زالت أولية، لكنها تشكّل حجر أساس لتجارب لاحقة على نماذج حيوانية، تمهيدًا لاختبارات سريرية محتملة. وأوضح الباحث الرئيسي في الدراسة، أن التركيز سيكون في المرحلة المقبلة على التحقق من سلامة هذه الطريقة وتأثيرها طويل المدى، خصوصًا على الدماغ المتقدم في السن.

وأضاف الباحث أن هذه الآلية لا تُعطي فقط أملًا في الوقاية من ألزهايمر، بل قد تمتد لاستخدامها في معالجة أمراض عصبية أخرى مرتبطة بخلل في الميتوكوندريا أو التمثيل الغذائي، مثل الشلل الرعاش أو التصلب الجانبي الضموري.

ويُذكر أن الدراسة نُفّذت بالتعاون بين عدة مراكز بحثية متخصصة في علم الأعصاب والأحياء الجزيئية، وقد استخدمت تقنيات متطورة في تحليل الجزيئات الخلوية وقياس النشاط الحيوي داخل الخلايا العصبية، بما في ذلك المجهر الإلكتروني ونماذج الذكاء الاصطناعي لتتبع التفاعلات البيوكيميائية الدقيقة.

ويُعد اكتشاف "المفتاح السكري" تطورًا في فهم العلاقة بين الغذاء والدماغ، وهو ما قد يُحدث لاحقًا تحولًا جذريًا في تصميم أنظمة غذائية مخصصة للوقاية من التدهور المعرفي، تستند إلى تعزيز هذا المسار الحيوي الجديد.