كيف سيكون الشرق الأوسط  فيما لو تفوقت دولة الاحتلال الاسرائيلي وتمكنت من هزيمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية واسقطت النظام ، بصرف النظر عن المؤيدين له ام المعارضين لسياساته ؟ ما موقع الأنظمة العربية الحامة في الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى دولة الاحتلال الإسرائيلي الى اقامته ؟ 
 رئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو واركان حكومته سيطرت عليهم حالة المن النشوة جراء النتائج التي حققتها الضربة الاستباقية المؤلمة التي وجهتها اجهزته الامنية لإيران في الثالث عشر من حزيران الماضي ، والتي راح ضحيتها قادة ايرانيين كبار وعماء في البرنامج النووي ، وهو ما يؤكد على اختراق اسرائيلي امني أُعد له منذ زمن ليس بقريب ، تمكنت دولة الاحتلال من اخذ عدوهم الايراني على حين غرة ، الامر الذي يثير تساؤلات عدة في الجانب الايراني : هل أخطات ايران في تقديراتها وقراءة المشهد بشكل صحيح ؟ هل تأخرت ايران بالرد على التجاوزات الاسرائيلية السابقة والتي تعتبر مؤشر لا غبار عليه في الاختراق الامني الاسرائيلي ، خاصة بعد عملية اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في نهاية تموز من العام الماضي !! والذي من المفترض انه كان متواجدا في اكثر الاماكن الايرانية تحصينا !! تحت ذريعة عدم إعطاء المبرر لإسرائيل او أي من حلفائها المبرر للرد ، مع العلم ان دولة الاحتلال الإسرائيلي اعتادت على اختلاق المبررات الوهمية لاستعراض قوتها !! ألم تستخلص الاجهزة الامنية الايرانية العبر من اختراق الاستخبارات الاسرائيلية لحزب الله اللبناني واغتيال امينه العام الشيخ حسن نصرالله في ايلول من العام الماضي ؟ هل تأخرت ايران في دعم حلفائها في محور الممانعة ( حركة حماس وحزب الله اللبناني ) والعمل الفوري على تشكيل جبهة اسناد للمقاومة الفلسطينية التي بادرت الى عملية طوفان الاقصى في اكتوبر الماضي ، والتصدي بشكل جماعي للمخططات الاسرائيلية وفق ما كانوا يطلقون عليه " وحدة الساحات " ؟ 
ولكن سرعان ما تبددت حالة النشوة الإسرائيلية في اليوم التالي جراء الرد الإيراني بالمسيرات والصواريخ الباليستية ، واخذت الاحداث تتسارع بشكل دراماتيكي بين ايران ودولة الاحتلال ، ولا يكاد يوم يخلو من عمليات اسرائيلية يمكن تصنيفها "بالنوعية " في الاراضي الايرانية الممتدة الى ما مساحته مليون و600 كم ويصول الطيران الاسرائيلي ويجول بكل حرية في الاجواء الايرانية ، وفي الوقت نفسه تقوم ايران بالرد بمسيرات وصواريخ باليستية وفرط صوتية وتوقع خسائر حتى اللحظة غير مكشوفة جراء التعتيم الاسرائيلي عليها ولكنها من الواضح انها مؤلمة للجانب الاسرائيلي ، صحيح انها ليست بحدة الضربات الاسرائيلية الا انها تترك اثرا لم يعتد عليه الاسرائيليون منذ قيام دولتهم عام 1948 ، وفي ذات السياق اعلن رئيس حكومة الاحتلال عن رفع مستوى منسوب بنك اهدافه ، ليصل الى رأس الدولة الايرانية ، المرشد الاعلى للثورة الاسلامية علي خامنيئي ، لاسقاط الدولة ، ولكن ما مدى قدرة ايران التي ما زالت تقاتل وحيدة دون اسناد ، باستثناء اصوات تدعو الى ضبط النفس وتحذر من توسيع العمليات ، على الصمود في التصدي للعدوان الصهيوامريكي والاوروبي الى حد ما ، والحد من الخسائر التي تتلقاها يوميا في شتى المجالات ، وهل ما زالت ايران تمتلك القوة والارادة الكافية لكبح جماح دولة الاحتلال ؟ في الوقت الذي باتت فيه دولة الاحتلال لا تصغي الى لغة العقل ، انما تُحكم لغة الخبث والقوة والغطرسة والعنجهية ، مستندة الى الدعم الامريكي الاوروبي ، والذي من المتوقع ان يحدث بشكل فعلي وتنخرط الولايات المتحدة الى الحرب الدائرة في غضون ساعات ربما ، للانقضاض على ما تبقى مما يطلق عليه " محور الممانعة او محور المقاومة " حيث باتت ايران المحاصرة بالقواعد الامريكية من كل صوب وحدب ، والمحاصرة اقتصاديا منذ زمن طويل ، مكشوفة تقريبا بعد تدمير جزء من قدراتها العسكرية ، سبقها تدمير وتحييد حزب الله اللبناني وسقوط نظام بشار الاسد في سوريا وتصفية الفصائل الفلسطينية الموالية لها في الاراضي السورية ؟ 
بات العالم يقف على صفيح ساخن ، وسيناريوهات الحرب المشتعلة حاليا متعددة ، وان لا قدر الله توسعت رقعتها ، فان نتائجها ستكون كارثية على العالم برمته وخاصة منطقة الشرق الأوسط ، حال انخرطت الولايات المتحدة بالحرب ، حينها ما الذي سيمنع ايران التي يقودها الان قادة عسكريين اكثر عدوانية لاسرائيل والغرب من ضرب القواعد والمصالح الامريكية في المنطقة ، وما الذي سيمنعهم من اغلاق مضيق هرمز ، وما الذي سيمنع الحوثيين من اشعال البحر الاحمر ؟  
ايران ما جانبها في موقف لا تحسد عليه ، فإما الاستسلام ورفع الراية البيضاء ، وإنما " علي وعلى أعدائي " وتوسيع رقعة الحرب لتشمل القواعد والمصالح الامريكية في المنطقة وهو ما تريده دولة الاحتلال – ان لم تكن قد أعدت الى مثل هذا العمل لالصاق التهمة الى ايران – لجر امريكا واوروبا الى الحرب ، والقضاء على الدولة الايرانية ، بالتالي تمرير المخطط الصهيوني بسلاسة والهيمنة على المنطقة برمتها ، وليس بالضرورة هيمنة عسكرية ، انما التوليح بالقوة العسكرية وتركيع المنطقة ، والسيطرة على مواردها ، وهو ما بدى واضحا من الخارطة التي كشف عنها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في خطابه الاخير بالامم المتحدة في ايلول الماضي والتي تشير الى – اسرائيل الكبرى – والتي تشمل السعودية وبقية دول الخليج العربي وسوريا ومصر والاردن ، وهو ما اسماه " الشرق الاوسط الجديد " ، وحتى تركيا ومن بعدها باكستان لن تكون بمنأى عن المخطط المعُد مسبقا .  
ولعل اكثر النتائج كارثية على العالم ، حال إطالة أمد الحرب وتوسيع رقعتها ، هو ارتفاع اسعار النفط العالمية ، فإيران التي تمتلك احتياطي نفط ضخم ، باتت آخر معاقل قوى الممانعة بعد تحييد كثير من الدول الاخرى ، بدءا بمصر بمعاهدة كامب ديفيد والهائها بشؤونها الداخلية ، فليبيا ومن قبلها العراق وآخرها سوريا ، وهو ما سيؤثر سلبا على صادرات العالم العربي النفطية التي تمر عبر مضيق هرمز والتي ستتعطل حال اغلاق مضيق هرمز والبحر الاحمر ، ناهيك عن الاضطراب في اسعار العملات العالمية خاصة الدولار، وكذا الامر لاسعار المعادن خاصة الذهب ، ما سيؤدي الى زعزعة الاقتصاد العالمي . 
العالم بات على حافة حفرة من الحجيم ، والعرب الخاسر الاكبر واكبر المتضررين ، صحيح ان دول عربية ادانت العدوان الاسرائيلي على ايران ، الا ان وقوفها على الحياد وعدم استخدام اوراق الضغط العربية لايقاف جحيم الحرب ، فان النيران ستمتد اليهم ، ويمكن القول ان وجودهم الاستراتيجي بات مهددا ومربوطا بهذه الحرب ، وعليهم استثمار ما يملكون من اوراق وايقاف المشروع الصهيوامريكي والا فان اسرائيل الكبرى ستقوم على انقاض عروشهم ، فهم باتوا امام لحظة تاريخية فارقة لا تحتمل الحياد ، فاما ان يكونوا متواجدين بقوة او الانصهار بالمخطط المُعد ، وحينها سيندمون حين لا ينفع الندم ؟!