صدى نيوز - شرعت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، كعادتها السنوية، في رفع الجزء السفلي من كسوة الكعبة المشرفة، مساء الثلاثاء، إيذاناً باقتراب موسم الحج وحرصاً على حماية الكسوة من التمزق جراء الزحام الذي يشهده الحرم المكي خلال هذه الفترة.
واستغرقت العملية نحو 4 ساعات متواصلة، وتمت بمشاركة 42 صانعاً من نخبة الحرفيين العاملين في مجمع الملك عبد العزيز لكسوة الكعبة المشرفة، حيث رُفع الجزء السفلي من الكسوة بمقدار 3 أمتار، وتمت تغطيته بإزار قطني أبيض طوله 54 متراً، وعرضه 2.5 متر من الجهات الأربع. واستُخدم في هذا الإجراء السنوي 11 رافعة لضمان دقة التنفيذ وسلامة الكسوة.
ولا يقتصر رفع الكسوة على بُعده العملي فحسب، بل يحاكي أيضاً رمزاً عميقاً للعناية التي توليها المملكة بالحرمين الشريفين، ويمنح الطائفين فرصة لرؤية أستار الكعبة وهي مرفوعة في صورة تستوقف القلوب قبل الأبصار. وهو تقليد يهدف أيضاً إلى وقاية الكسوة، من التأثر نتيجة تعلق بعض الطائفين بها خصوصاً في ذروة الازدحام.
ويأتي هذا الطقس السنوي ضمن استعدادات المملكة الشاملة لاستقبال ضيوف الرحمن، بما يضمن توفير أفضل الأجواء التعبدية داخل الحرم المكي الشريف، وتجسيداً للدور المحوري الذي تضطلع به المملكة في خدمة الحجاج والمعتمرين.
وتُعد كسوة الكعبة المشرفة إحدى أبرز الرموز الإسلامية التي تحظى بتاريخ عريق في المملكة، إذ صُنعت أول كسوة في العهد السعودي عام 1927، ومنذ ذلك الحين تطورت عملية صناعتها لتصبح اليوم نموذجاً يجمع بين الفن والتراث والتقنيات الحديثة.
وتتألف الكسوة من 4 قطع رئيسية من القماش الحريري الأسود المطرز بخيوط الذهب والفضة، إضافة إلى ستارة باب الكعبة. كما تتزين بحزام يضم 16 قطعة مذهبة، و17 قنديلاً موزعة على الكعبة، وزخارف ذهبية تغطي الركن اليماني والحجر الأسود والميزاب، كلها مكتوبة بخط الثلث الجلي المركب، الذي يمنح الآيات والزخارف طابعاً جمالياً فريداً يعكس رقي الفن الإسلامي.
ويبدأ العمل على الكسوة من مراحل دقيقة تبدأ بتحلية المياه وتنقيتها لضمان جودة الصباغة، ثم غسل الحرير وصبغه بالأسود للوجه الخارجي وبالأخضر للبطانة الداخلية. وتُخضع الأقمشة بعد ذلك لاختبارات جودة صارمة، قبل حياكة الزخارف والآيات القرآنية باستخدام آلات متخصصة.
وفي قسم التطريز والتذهيب، تُستخدم خيوط من الفضة المطلية بماء الذهب في تنفيذ الحزام والزخارف، بإجمالي وزن يصل إلى 120 كيلوغراماً من الذهب والفضة. ويعمل على إنتاج هذه التحفة الفنية أكثر من 200 متخصص ما بين مطرّزين، وحرفيين، وإداريين، وفنيي نسيج. وتُستبدل كسوة الكعبة بالكامل في الأول من شهر محرم من كل عام، في تقليد سنوي يعكس التجديد والعناية الدائمة بهذا الرمز الإسلامي الخالد.