لا وادٍ.. لا سفحٌ، ولا مغارٌ، ولا سُقاةٌ، ولا رُعاة
سقطتْ صريدةُ، وماؤُها بين ليلٍ أو ضُحاه
مَن ذا يُجيرُ الوادِيَ أو يَحمي حِماه؟
لا موتَ يعشقُه الرجالُ،
ولا نشامى في ذُراهُ
فالكلُّ قد طلبَ السلامةَ والنّجاةَ
بلغَ التَّساقُطُ مُنتهاه
يا إيلُ،
حامَتْ على بِيرِ الحَمامِ يمامةٌ،
وهَوَتْ لهولِ مرآها
قد كُنتُ مضطجعًا فوقَ رِياشِها
وتُذِلُّ صيّادَ الحَيَايا
مَن ذا يُجيرُ صِغارَها
إن غابَ نسرُ الوادِ عن سُمِّ أفعاها؟
قد بِتُّ ربَّ البائعين،
فالكلُّ خَرُّوا مُبلسين
يا إيلُ،
يا مَلِكَ العَلالي والمصاطبِ والكُهوف
خَلَعَتْ عناتُكَ العذراءُ طُهرَ إزارِها
وتبرّجَتْ للريحِ، وعابري التاريخِ
واشتعلَتْ خطايا
رَهطٌ من الكُهّانِ عندَ سريرِها الذهبيِّ
أجازَ جِماعَها، وأباحَ فُحشاها
يا إيلُ،
لا صَولجان يهزُّ الأرضَ بين يديكَ،
ولا شُهُب تُسيَّرُ في الفضاء
فقدَ الفُحولةَ، والبطولةَ، والنقاء
إيلٌ.. يؤولُ إلى سقوطٍ
في الليلِ
مدَّ الجِنُّ أجنحةَ النجاة
فَتَقافَزَ الأطفالُ في حُضنِ المَجرّة
إمّا يَتيمًا، أو شهيدًا، أو قتيلاً في الفضاء
ونجومُ بُرجِ الحوتِ يَنسِجْنَ التمائمَ والحَشايا
من خُيوطِ الضوءِ لعُرسِهم
وبُرجُ القوسِ بانَ مُمتشقًا
كُلَّ معدنهِ ليحرُسَهم
ويُلقِمَ سهمَه نارًا
يُجهِّزُ جَمرَها ليلًا
لِتأكُلَ لحمَ وائِدِهم تِباعًا
وهمْ ما بين الأوابدِ والقَلائدِ ساهمون
في أُسِّ عَنبَرِهم ومِسكِ خِتامِهم سابحون
يُسبِّحون ويسألون:
أتُقامُ دولتُنا هنا؟ أم ها هناك؟
إنِّي وريثُ الدَّمِ، تَملأُنا الدِّنان
وعساكري قلبي، وروحي، والصلاة
أكلوا بقايا ما تبقّى من بقاء
وألقَمونا بعضَ ما يَشي بالحياة
أنا ميتٌ حتمًا.. إني أراهُ كما رُؤاه
هذا ارفضاضُ الرُّوحِ، تَتبَعُني خُطاه
ونُواحُ حَشرجتي يَبوحُ بما أتاه
وإذا بُروجٌ في السماء
تبرَّجتْ عن سِرِّها الأزليّ
وانقشعتْ
فيها المسالكُ، والممالكُ،
والمهالكُ
تَقتادُني مِشكاةُ نورٍ
في مَسارٍ قد تبدَّلَ عن سِواه
يا رحمةَ الله،
وصَلَ الشريدُ.. وكان تاه
تعبَ المُفاوِضُ والتفاوضْ
وقامَ ليلًا كي ينامْ
وأعدَّ ناصيةَ البيانِ وما تيسَّر
من كلامٍ للغداة
سيقولُ ما قالَ وقيلْ
ثم يُقرِئُنا السلامَ.. وعادَ نامْ
وكذا المقاومُ، والمُناوِمُ لا ينامْ
أحصى خَراجَ اليومِ من مالٍ حرامْ
سيكونُ مشغولًا بِمثنًى أو ثلاثٍ أو رُباعْ
فلهُنَّ حقّ الاقتراعْ!
ما لي وما للخلدِ، وحُورِ عينٍ في السماء؟
إنِّي أَقمتُ إمارتِي
بل جنّتي تحتَ الحصارْ
مزجَ المُقدَّسَ بالمُدنَّسْ،
ثم نامْ
إنّا ورثْنا الدمَ جيلًا بعد جيلْ
فاضتْ بنا الأرواحُ، والأحزانُ، والتعبُ البليدْ
طُفنا على كلِّ المرابعِ والمواقعْ
من قيظِ صحراءٍ إلى شُؤمِ الجليدْ
صرنا يتامى وحدَنا.. صَدِئَ الصديقُ مع الشقيقْ
فاغمِدْ سِراطَكَ في اعوجاجِ الظالمينْ
وباعةِ الدمِ والضميرْ
ثمّ انتقِمْ
اللهُ من جوعٍ سيُطعِمْ،
ومن خوفٍ يُؤمِّنْ
لـ "إيلافِهِمْ" إلى فَهْمٍ
اضربْ وزلزلْ ما استطعتَ
بِما استطعتْ
فلستَ مرصودًا لتبقى أنتْ
قتيلَ صمتْ
مَن كان باسمِ الأرضِ مقرونًا
فلا شُلّتْ يداه
واللهُ في وَهجِ الألوهةِ
قد يُباركُ مَن أتاهْ
1 إيل إله كنعاني.
2 بير الحمام كهف غامض يعيش فيه الحمام والأفاعي.
3 صيّاد الحيايا.. نسر يستوطن واد صريدة ويقتات على الأفاعي.
4 عناة آلهة الحب عند الكنعانيين.