صدى نيوز - وجّه رئيس الاستخبارات السورية اليوم الجمعة رسائل تحذيرية إلى فلول النظام المخلوع الذين يخوض الجيش السوري حملة تطهير ضدهم منذ أمس في مدن الساحل إثر هجمات منسقة نفذوها وأدّت إلى مقتل وإصابة العشرات من قوات الأمن .
فيما أعلنت وزارة الدفاع السورية في بيان مساء اليوم، أنها حققت تقدما ميدانيا سريعا وأعادت فرض السيطرة على المناطق التي شهدت اعتداءات غادرة، مؤكدة أن الأوضاع تحت السيطرة الكاملة.
وقال رئيس جهاز الاستخبارات العامة أنس خطاب إن بعض ضعاف النفوس والمجرمين استغلوا الأوضاع السابقة والظروف الصعبة التي مرت بها البلاد فراحوا يخططون ويجهزون لمحاولة ضرب الوجه الجديد لسوريا المستقبل الذي آلمهم زهوه وازدهاره.
وأضاف خطاب، في سلسلة تغريدات على منصة إكس، أنه حسب التحقيقات الأولية فإن قيادات عسكرية وأمنية سابقة تتبع للنظام البائد تقف وراء التخطيط والتدبير لهذه الجرائم عبر توجيهها من قبل بعض الشخصيات الفارة خارج البلاد والمطلوبة للعدالة والقضاء.
وأشار إلى أنه بعد مضي 90 يوما على تحرير العاصمة دمشق، ظنّ بعض من أسماهم بالحمقى والمغفلين أنهم قادرون على إسقاط إرادة الشعب السوري في تحديد مصيره ومستقبله الذي يضمن لهم حياة حرة كريمة، فأطلقوا عمليتهم الغادرة التي راح ضحيتها العشرات من خيرة رجالنا في الجيش والأمن والشرطة.
وتوجه خطاب إلى من وصفهم بالذين لم يقرؤوا تحذيرات القيادة الجديدة لهم في وقت سابق بشكل صحيح بالقول: لقد ورطتكم أَياد خبيثة بما تفعلونه اليوم، ولن نسامح من تلطخت أيديهم بدماء رجالنا الطاهرة.
وأضاف "ليس أمامكم سبيل إلا أن تسلموا أنفسكم وأسلحتكم لأقرب جهة أمنية، وذلك لضمان سلامة سوريا وشعبها وعودة الأوضاع إلى الاستقرار والأمان".
ساعات حاسمة
وفي وقت سابق اليوم الجمعة، أعلنت وزارة الدفاع السورية أن قواتها سيطرت بالكامل على مدينتي اللاذقية وطرطوس في إطار حملة واسعة بدأتها الأجهزة العسكرية والأمنية في منطقة الساحل غربي سوريا إثر هجمات منسقة لموالين لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، في حين دارت اشتباكات عنيفة في محاور بينها محيط مدينة جبلة.
وقال الناطق باسم وزارة الدفاع إن القوات استعادت السيطرة أيضا على كثير من المواقع التي تسللت إليها فلول النظام المخلوع بمنطقة الساحل.
وأضاف الناطق السوري أن ساعات قليلة تفصل القوات العسكرية والأمنية عن إنهاء العملية ضد الفلول، مشيرا إلى أن القوات المشاركة تواجه ما وصفها ببؤر إجرامية هدفها إحداث الفوضى وإيذاء المدنيين.
ومساء اليوم، قال مصدر أمني إن قوات الدفاع والداخلية السورية وصلت وسط جبلة بريف اللاذقية وفكت الحصار عن الكلية البحرية.
تأمين اللاذقية وطرطوس
وفي وقت سابق اليوم، قال قائد شرطة اللاذقية المقدم مصطفى صبوح للجزيرة إنه تم تأمين المدينة وفك الحصار عن مواقع أمنية وعسكرية وإخراج فلول النظام السابق.
وأضاف صبوح أن القوات العسكرية والأمنية بدأت تطهير منطقتي جبلة والقرداحة في ريف اللاذقية من فلول النظام السابق.
من جهته، قال قائد الحملة الأمنية في طرطوس إن قواتهم فرضت سيطرتها على المدينة، وبدأت الانتشار في أحيائها، وتستعد لحملة تمشيط تشمل المناطق المحيطة.
وأضاف أن القوات السورية قتلت عددا كبيرا من فلول النظام السابق، وصادرت أسلحة وذخائر إثر اشتباكات مع المسلحين الذين كانوا قد أقاموا حواجز ونصبوا كمائن على طول الطريق بين حمص والساحل.
بدوره أكد مصدر بإدارة الأمن بطرطوس اعتقال عدد من قادة فلول النظام، مشيرا إلى التحفظ عن ذكر أسمائهم حتى استكمال العملية.
وأشار المصدر إلى أن هناك بعض جيوب فلول النظام في جبال طرطوس واللاذقية ولا تزال ملاحقتهم مستمرة، مؤكدا مقتل عشرات من قوات الجيش والأمن الداخلي وتحييد أضعافهم من "الفلول التخريبية"، وفق تعبيره.
وأفادت محافظة اللاذقية بانقطاع الكهرباء بسبب "الأعمال التخريبية والعمليات الإرهابية التي نفذتها فلول النظام البائد".
فيما قالت وزارة الصحة السورية إن 6 مستشفيات بريفي اللاذقية وطرطوس تعرضت الليلة الماضية لهجمات مباشرة من قبل فلول النظام البائد أسفرت عن قتلى ومصابين وأضرار في البنية التحتية، مشيرا إلى أن تلك الهجمات "جريمة ضد الإنسانية تكشف وحشية هذه المجموعات وإصرارها على نشر الفوضى".
ملاحقة الفلول
وأفاد مراسل الجزيرة بأن القوات السورية تقصف بالصواريخ مناطق جبلية تحصنت بها فلول النظام المخلوع في بانياس بريف طرطوس.
وكانت تعزيزات عسكرية وأمنية كبيرة قادمة من إدلب وحمص وحلب ومناطق أخرى في سوريا وصلت صباح اليوم الجمعة إلى مدن اللاذقية وطرطوس وجبلة لمؤازرة القوات المنتشرة في المنطقة.
كما قال مصدر أمني إن قوات من الجيش السوري دخلت مدينة بانياس بريف طرطوس، وبدأت حملة تمشيط لإعادة الأمن للمدينة، مشيرا إلى أن القوات الأمنية تمكنت بعد اشتباكات مع مسلحين من فك الحصار عن مستشفى المدينة، وطرد فلول النظام السابق منه.
حظر تجول
وبالتوازي مع توجه التعزيزات العسكرية إلى الساحل السوري منذ الليلة الماضية، فرضت السلطات حظر التجول في اللاذقية وطرطوس والمناطق المحيطة بهما لمدة 24 ساعة، وقد تم تمديد الحظر حتى صباح غد السبت.
وجاء التحرك العسكري والأمني بعد كمائن دامية نصبها مسلحون موالون للنظام السابق، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 15 من عناصر الأمن السوري وإصابة آخرين، ووصفت السلطات السورية هذه الهجمات بالمنسقة.
وبدأ التصعيد الأخير من جانب فلول النظام السابق من بلدة بيت عانا بريف اللاذقية، حيث قتل عنصر أمني وجرح آخرون، وبعد ذلك وقع كمين في جبلة قتل فيه 15 عنصرا أمنيا، ثم انتقلت الهجمات إلى أحياء داخل مدينة اللاذقية حيث حاول مسلحون السيطرة على مواقع أمنية ومدنية.
وكانت هذه الهجمات هي الأعنف التي تتعرض لها قوات الأمن التابعة للحكومة في سوريا منذ الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.
مظاهرات حاشدة
والليلة الماضية وصباح اليوم الجمعة خرجت مظاهرات حاشدة في مختلف أنحاء سوريا للتنديد بالهجمات على قوات الأمن في منطقة الساحل.
وشهدت مدن دمشق وريفها وحمص وحماة وحلب ودرعا ودير الزور والبوكمال مسيرات شعبية دعمًا لعمليات وزارة الدفاع السورية والقوات الأمنية ضد فلول النظام السابق.
وأظهرت صور تجمعا شعبيا وسط مدينة إدلب، في وقت كانت فيه قوات عسكرية تغادر باتجاه الساحل السوري.
دول عربية وإقليمية تدعم سوريا في مواجهة فلول الأسد
أعربت دول عربية وإقليمية عن دعمها لسوريا في معركتها التي تخوضها ضد فلول الأسد بعد تنفيذهم كمائن مسلحة استهدفت قوات الأمن في منطقة الساحل وأسفرت عن عشرات القتلى والمصابين.
وأدانت دولة قطر بأشد العبارات "الجرائم التي ترتكبها مجموعات خارجة عن القانون واستهدافها القوات الأمنية في الجمهورية العربية السورية الشقيقة".
وأكدت وزارة الخارجية، في بيان اليوم، تضامن دولة قطر ووقوفها مع الحكومة السورية ودعمها لكل ما تتخذه من إجراءات لتوطيد السلم الأهلي وحفظ الأمن والاستقرار في البلاد.
وجدّدت الوزارة دعم دولة قطر الكامل لسيادة سوريا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها وتحقيق تطلعات شعبها في الحرية والتنمية والازدهار.
من جانبه، أكد الأردن، دعمه لسوريا في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها، معربا عن رفضه أي تدخل خارجي أو محاولات لدفع البلاد نحو الفوضى.
وقالت الخارجية الأردنية في بيان اليوم الجمعة، إن المملكة "تقف مع الجمهورية العربية السورية وأمنها واستقرارها ووحدتها وسيادتها".
وتخوض قوات الأمن السورية معارك لليوم الثاني على التوالي ضد فلول لنظام الأسد بعد تنفيذ هؤلاء هجمات منظمة أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من عناصر الأمن، في أكبر تحد تواجهه الإدارة الجديدة منذ سقوط رئيس النظام المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأدانت الوزارة "كل المحاولات والمجموعات والتدخلات الخارجية التي تستهدف أمن سوريا الشقيقة وسلمها ومؤسساتها الأمنية، وتحاول دفع سوريا نحو الفوضى والفتنة والصراع".
كما أكدت الخارجية على "وقوف الأردن إلى جانب الحكومة السورية في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمن سوريا واستقرارها وسلامة شعبها، ولحفظ القانون والسلم الأهلي".
وشدّدت على "ضرورة تكاتف كل الجهود؛ لدعم سوريا في عملية إعادة بناء الدولة السورية الجديدة على الأسس التي تحمي وحدتها وأمنها واستقرارها وسيادتها، وتحفظ حقوق كل أبناء الشعب السوري الشقيق".
السعودية وتركيا
وفي وقت سابق اليوم، أكدت كل من السعودية وتركيا دعمهما للحكومة السورية الانتقالية، مشددتين على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار ومنع أي تصعيد قد يهدد مستقبل البلاد.
وفي بيانين صادرين عن وزارتي الخارجية فيهما، حذرت الدولتان من تفاقم العنف في سوريا بعد اندلاع اشتباكات في اللاذقية ومحيطها بين القوات الأمنية السورية ومسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد، مما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى.
من جانبه، تقدم وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني اليوم الجمعة بالشكر للدول الشقيقة والصديقة التي عبرت عن دعم الحكومة السورية في مواجهة فلول الأسد.
وقال الشيباني إنّ بلاده تواجه حربا خفية ومعلنة لكسر إرادة الشعب من خلال بث الفوضى ومحاولة الإغلاق السياسي في الخارج.
كما أشار إلى أنّ الشعب السوري أظهر وعيا فريدا وحسا وطنيا بتكاتفه ووقوفه خلف قيادته خصوصا في المناطق التي راهن الخارج عليها.
وأكّد الشيباني أنّ القيادة السورية الجديدة ممثلة بالرئيس أحمد الشرع اتخذت خطوات لتعزيز الأمن والاستقرار والسلم الأهلي.
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وعقب ذلك، فتحت السلطات السورية مراكز للتسوية مع عناصر النظام المخلوع لتسليم السلاح، واستجاب آلاف الجنود، فيما رفض ذلك بعض الخارجين عن القانون لا سيما في منطقة الساحل معقل كبار ضباط الأسد، واختاروا الهروب والاختباء في المناطق الجبلية ونصب الكمائن للقوات الحكومية.
الشرع: سورية موحدة وفلول النظام حاولوا اختبارها وعليهم المبادرة بإلقاء السلاح
قال الرئيس السوري أحمد الشرع: إن بعض فلول النظام الساقط سعى لاختبار سوريا الجديدة التي يجهلونها، مضيفا أن سوريا واحدة موحدة من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، وإذا مست محافظة سورية بشوكة تداعت لها جميع المحافظات لنصرتها وعزتها.
وأكد أن سوريا اليوم لا فرق فيها بين سلطة وشعب وهي تعني الجميع ومهمة للجميع، ولا خوف على بلد يوجد فيه مثل هذا الشعب وهذه الروح.
وتابع "أقول للفلول إننا قاتلناهم في معركة التحرير رغم حرصهم على قتلنا، ونريد صلاح البلاد التي دمرتموها ولا غاية لنا بدمائكم".
وأشار إلى أن الفلول ما زالوا على جهلهم وأنتم بفعلكم الشنيع اعتديتم على كل السوريين.
وأكد أن فلول النظام الساقط تبحث عن استفزاز، وسنلاحق فلول النظام الساقط ومن ارتكب منهم جرائم بحق الشعب.
وقال "سنقدم فلول النظام الساقط الذين يصرون على الاعتداء على الشعب إلى محكمة عادلة، على فلول النظام السابق المبادرة بإلقاء السلاح، وسنحافظ على السلم الأهلي في سوريا، وسنستمر بحصر السلاح بيد الدولة ولن يبقى سلاح منفلت في سوريا".