سيصدر عن الأمم المتحدة في شهر تموز القادم تقريرٌ يتهم إسرائيل باستخدام القاصرين الفلسطينيين دروعاً بشرية في نابلس وجنين، لذلك فإن مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، غلعاد إردان ومعه الجنرال غسان عليان التقيا مع الأمين العام للأم المتحدة، غوتيريس لمنع إصدار التقرير! هم يتابعون ويراقبون ليس ما صدر في الماضي، بل ما سيصدر في المستقبل!
هذا الخبر أعادني إلى فنون متابعة الأحداث في إسرائيل، أعادني إلى آليات عمل هذا اللوبي الصهيوني النشط والعامل ليل نهار في مجال الرصد والمتابعة وتوقيع العقوبة على المخالفين والناقدين لسياسة الاحتلال الإسرائيلي، سأظل أذكر الفيلسوف الفرنسي، روجيه غارودي حين أصدر كتابه في تسعينيات القرن الماضي حول التشكيك في رواية الهولوكوست في كتابه "الأساطير المؤسِّسة لإسرائيل" حاصره اللوبي الصهيوني بتهمة اللاسامية، ثم طاردوه إلى أن اغتالوه نفسياً، مات العام 2012 ولم يعرف حتى اليوم مكان دفنه!
أما الصحافية المخضرمة، هيلن توماس وهي التي عاصرت عشرة رؤساء أميركيين طالبت المحتلين الإسرائيليين بالعودة إلى أوطانهم الأصلية العام 2010 وتسليم الأرض لأصحابها الفلسطينيين، أقالوها من منصبها، ثم ماتت في منزلها ولم يعرف خبر موتها سوى قِلَّة!
أما القاضي اليهودي الجنوب إفريقي، ريتشارد غولدستون رئيس لجنة التحقيق في حرب الرصاص المصبوب في غزة العام 2009، طووا صفحتَه نهائياً، لأنه اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، منعوه من حضور الندوات، وحرموه من حضور حتى احتفال تدشين حفيده في كنيسٍ يهودي في جنوب إفريقيا، لدرجة أنه أعلن ندمه وتوبته، ولم يشفع له ذلك.
إن فِرق المتابعة في إسرائيل تُدار في جمعيات ومؤسسات ودوائر الوكالة اليهودية، وفي وزارة الخارجية الإسرائيلية، وهي أخطبوط حركة الرصد والمتابعة، ترسل تقاريرها إلى الشاباك والموساد ووسائل الإعلام!
ومن آخر الأمثلة على فن المتابعة عندما أعلن أشهرُ المغنين الأميركيين، كاني وست أن اليهود يسيطرون على البنوك وعلى الإعلام وعلى كل الشركات الكبرى.
دفعت تصريحاتُه لوبي المتابعة الصهيوني إلى توجيه ضربة مالية فنية قاضية على جيب، كاني وست، فقد أرغموا شركة أديدس، وسكتشرز للأحذية إلى وقف تعاملهما معه، وإجبار الشركتين على إلغاء كل العقود التجارية معه!
أما أحدث متابعة جرت للمغني البريطاني المشهور، مؤسس موسيقى الروك روجر واترز، المولود العام 1943 وهو أشهر المغنين في العالم لأن عدد حاضري احتفالاته يصل إلى ربع مليون، روجر واترز (تجرَّأ) ورفع صورة الشهيدة شيرين أبو عاقلة في حفلته، ورفع إلى جوارها صورة، أنَّا فرانك وهي الفتاة اليهودية التي كتبت مذكراتها قبل موتها وهي هاربة من النازيين العام 1941! اعتبر الإسرائيليون أن نشر الصورتين يعني أن إسرائيل المحتلة هي الحركة النازية في الألفية الثالثة!
أقام، روجر واترز احتفالاً موسيقياً كبيراً في مدينة فرانكفورت الألمانية يوم 26-5-2023، فسارع مايسترو المتابعة الصهيوني إلى تحريض كل المسؤولين، باعتبار المغني المشهور لا سامياً، ثم حاولوا منعه من إقامة الحفل الموسيقي الكبير.
لم يكتفِ متابعو واترز بذلك بل دفعوا متظاهرين إلى اقتحام قاعة الاحتفال يوم 28-5-2023، وهم ينشدون (عاش شعب إسرائيل) حتى أن أحد المتظاهرين اقتحم المنصة الرئيسة للاحتفال ورفع علم إسرائيل، وأرغموا الشرطة على أن تفتح تحقيقاً معه بتهمة العداء للسامية!
تذكروا أن هناك فرقاً شاسعاً بين المتابعة كاستراتيجية نضالية وطنية، وبين المتابعة العشوائية الفردية الاجتهادية التي تدوم ساعاتٍ وأياماً معدودة فقط!.