صدى نيوز -(أ ف ب) -قال الرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي خلال لقائه نظيره السوري بشار الأسد في دمشق الأربعاء إن سوريا حققت "الانتصار رغم التهديدات والعقوبات" المفروضة عليها خلال 12 عاماً من نزاع دام، قدّمت خلاله طهران دعماً كبيراً على مستويات عدة لحليفتها.
وزيارة رئيسي إلى دمشق هي الأولى لرئيس إيراني منذ أكثر من 12 عاماً، رغم الدعم الكبير، الاقتصادي والسياسي والعسكري، الذي قدّمته طهران لدمشق والذي ساعد على تغيير مجرى النزاع لصالح القوات الحكومية.
وتأتي في خضمّ تقارب بين الرياض وطهران اللتين أعلنتا في آذار/مارس استئناف علاقاتهما بعد طول قطيعة، بينما يسجّل انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة منذ العام 2011.
وقال رئيسي للأسد، وفق ما أوردت الرئاسة السورية ووكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) خلال محادثات موسعة جمعت الطرفين في القصر الرئاسي، إنّ "سوريا حكومة وشعباً اجتازت مصاعب كبيرة".
وأضاف "اليوم نستطيع القول بأنكم قد عبرتم واجتزتم كل هذه المشاكل وحققتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم".
وصل رئيسي صباح الأربعاء إلى دمشق على رأس وفد وزاري سياسي واقتصادي رفيع في زيارة تستمر يومين، ويجري خلالها الرئيسان، وفق الرئاسة السورية، "مباحثات سياسية واقتصادية موسّعة، يليها توقيع عدد من الاتفاقيات".
وقال الأسد بدوره إن العلاقات السورية الإيرانية "كانت خلال الفترات العصيبة علاقة مستقرّة وثابتة بالرغم من العواصف الشديدة السياسية والأمنية التي ضربت منطقة الشرق الأوسط".
وأوضح "عندما شُنّت الحرب ضد سوريا منذ 12 عاماً، لم تتردد إيران في الوقوف إلى جانب سوريا ...، ولم تتردد في تقديم كل الدعم السياسي والاقتصادي، بل قدّمت دماء".
ويضمّ الوفد الإيراني كلاً من وزراء الخارجية، والطرق وبناء المدن، والدفاع، والنفط والاتصالات.
وتأتي زيارة رئيسي، وفق تصريحات أدلى بها الأخير لدى مغادرته طهران، في سياق "تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية"، معتبراً أنه "بات واضحاً للجميع اليوم أن سوريا وحكومتها الشرعية يجب أن تمارس السيادة على كامل الأراضي السورية".
ووقّع الرئيسان، وفق الإعلام الرسمي، مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد. وتشمل مجالات عدة بينها الزراعة وسكك الحديد والطيران المدني والنفط والمناطق الحرة.
ويتضمن جدول أعمال رئيسي في دمشق زيارة مقامات دينية في ضواحي العاصمة، أبرزها مقام السيدة زينب الذي يحظى باهمية خاصة لدى الطائفة الشيعية وشكّل الدفاع عنه عامل استقطاب لمقاتلين تدعمهم طهران وقاتلوا إلى جانب القوات الحكومية.
وتشهد دمشق إجراءات مشددة وانتشاراً كثيفاً للقوى الأمنية. ورُفعت الأعلام الإيرانية على أعمدة الإضاءة على طريق المطار وآخر يؤدي إلى منطقة السيدة زينب. كما عُلقت صور للرئيسين الإيراني والسوري كتب عليها "أهلاً وسهلاً" باللغتين العربية والفارسية.
وهدأت الجبهات في سوريا نسبياً منذ 2019، وإن كانت الحرب لم تنته فعلياً. وتسيطر القوات الحكومية حالياً على غالبية المناطق التي فقدتها في بداية النزاع. وبات استقطاب أموال مرحلة إعادة الإعمار أولوية لدمشق بعدما أتت الحرب على البنى التحتية والمصانع والإنتاج.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في طهران الإثنين إنّ "سوريا دخلت مرحلة إعادة الإعمار، والجمهورية الإسلامية في إيران (...) جاهزة لتكون مع الحكومة السورية في هذه المرحلة أيضاً"، كما كانت إلى جانبها "في القتال ضد الإرهاب" والذي اعتبره "مثالاً ناجحاً على التعاون بين الدولتين".
منذ سنوات النزاع الأولى، أرسلت طهران مستشارين عسكريين لمساندة الجيش السوري في معاركه ضدّ التنظيمات الجهادية والمعارضة، التي تصنّفها دمشق "إرهابية"، بينما تقاتل مجموعات من جنسيات أخرى موالية لإيران على رأسها حزب الله اللبناني إلى جانب القوات الحكومية.
وتُستهدف المجموعات الموالية لطهران غالباً بضربات إسرائيلية منذ سنوات، فيما تكرّر إسرائيل، العدوّ اللدود لإيران، أنّها لن تسمح للأخيرة بترسيخ وجودها على مقربة منها.
وتخضع سوريا بسبب مواجهتها الاحتجاجات ضد السلطة في بداية النزاع، وإيران بسبب برنامجها النووي، لعقوبات دولية قاسية تجعل كلّ التعاملات المالية والتحويلات المصرفية أمراً شبه مستحيل بالنسبة الى حكومتيهما.
إضافة إلى الاتفاق السعودي-الإيراني، تأتي الزيارة على وقع وساطة روسية لإصلاح العلاقات بين دمشق وأنقرة التي دعمت من جهتها المعارضة السورية خلال سنوات النزاع، كما تأتي بعد أيام من اجتماع استضافته موسكو بحضور إيران وجمع مسؤولين سوريين وأتراكاً.
ويقول المحلّل السياسي السوري أسامة دنورة لفرانس برس إن الزيارة "أصبحت أكثر ملاءمة بعد المصالحة السعودية-الإيرانية" التي اعتبر أنّها "تنعكس على كل بؤر التوتر التي لا تزال موجودة" في المنطقة".
زار الأسد طهران مرتين بشكل معلن خلال السنوات الماضية، الأولى في شباط/فبراير 2019 والثانية في أيار/مايو 2022، والتقى خلالها رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.
وكان الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد زار دمشق في 18 أيلول/سبتمبر 2010، قبل ستة أشهر من اندلاع النزاع الذي أودى بأكثر من نصف مليون سوري، وتسبب بنزوح وتهجير أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.