دولة الاحتلال لا تتوقف عن ارتكاب الجرائم البشعة، وهي تعاني من أزمة خانقة قد تنحدر إلى مستوى حرب أهلية وفق توقعات البعض منهم ، نظام حكمهم محاصر حتى من جانب العديد من الدول الغربية التي رفضت استقبال وزرائهم بما فيها الحليف الأساس لهم الولايات المتحدة ، وتوقعات أن تجنح دولة الاحتلال الى حرب خارجية هروبا من انحدار واقعها الجاري والى مزيدا من الجرائم بحق شعبنا التي لن توقفها الولايات المتحدة ، ولو كانت على افتراض انها تريد لكانت فعلت ذلك عبر عقود طويلة . الولايات المتحدة لم تبقى كما كانت من القوة والهيمنة العسكرية والسياسية وهي تفقد اليوم أدوار بالعديد من بؤر التوتر بالعالم وتجر أوروبا التي تشهد المظاهرات ضد حكوماتها إلى التدمير الذاتي ، فلماذا نستجيب لصغوطاتها ؟ مقابل ماذا ؟  

هنالك متغيرات دولية ولاعبين دوليين كبار جدد ونشؤ تحالفات دولية واقليمية جديدة ترسم خارطة جيوسياسية متغيرة ليست في صالح دولة الأحتلال ولا الاحتكار الأمريكي المتسبب بجرائم دولية ، والذي كان سائدا دون فعل شيئ لنا فبقي سرابا .  

دولة الأحتلال وكما هو تاريخها الاستعماري البشع لا تلتزم باي اتفاقيات مكتوبة أو شفهية ، حتى وأن ضامن الاتفاقات المفترض منحاز حتى في ظل توتر العلاقات مع حكومة الأحتلال ، فالولايات المتحدة ورغم الحرد والانزعاج من سموتريتش وبن جفير وهم من انتجهم مجتمعهم الصهيوني ، فهي اي الولايات المتحدة رغم بروز بعض الاصوات فيها اليوم ، الا ان الحزبين فيها يريدان "إسرائيل قوية" دون ان تحرجها لتخدم سياساتها واطماعها المتهالكة الآن أمام بروز نظام دولي جديد بالافق الدولي ، نتنياهو لم يكن عائقا امام السياسات الأمريكية بالسابق ولا الآن ، وقد تساهم الولايات المتحدة اليوم بإخراجه من المأوق وحمايته واستحضار جانتس ولابيد اليه بدلا من الصهيونية الدينية . فمفاهيم الحركة الصهيونية- الانجيلية المحافظة هي معيار محددات العلاقة الايدولوجية الأساسية. 

اذن ، لماذا علينا أن نلتقي مع ممثلين حكومة الأحتلال الفاشية وهم الذين قرروا المذابح المستمرة ، فهل نحمي شعبنا بذلك ونحقن دماء شبابنا ؟ ، حكومتهم تريد احراجنا نحن ومحاصرتنا نحن واضعافنا نحن أمام شعبنا واصدقاؤنا حول العالم حتى هزيمتنا . هي تريد الحسم المبكر للصراع وفق الرؤية الصهيونية الدينية من خلال الضم التدريجي وبرنامجها المعلن أو وفق برنامج الصهيونية العلمانية التي لا تقر بمبدأ انهاء الاحتلال الاستيطاني ، حكومة تعاني من العزلة الدولية اليوم والأزمة الداخلية الخانقة والمتفاقمة بخروج شعبهم وهم ليسوا بشعب حتى ، الى الشوارع والى الصدام . السؤال ماذا سنحقق أمام هذا الواقع في لقاء شرم الشيخ ؟ ماذا حققنا من لقاء العقبة سوى انهم هم استمروا بالمجازر التي نفذها احتلالهم واقرار قوانين جديدة بالكنيست بشأن الأسرى والمستوطنات وبتوافق الموالاة والمعارضة الذين لا يدركون ان شعبا يضطهد شعبا آخر لا يمكن ان يكون هو نفسه حرا . هل يعتقد البعض منا أننا سنساهم في تعميق هوة خلافاتهم ، بالتأكيد لا ، لأننا لسنا طرفا في خلافات تدور بينهم لا علاقة لها باستمرار الأحتلال والأبارتهايد ، خلافاتهم تنحصر فيما يعتقدون هم حول "الديمقراطية اليهودية " ، بل إن "المعارضة اليهودية " توجه اللوم للحكومة القائمة بشأن "نعومة إجراءاتها " بحق شعبنا هنا او بداخل الخط الأخضر. وممثلين حكومتهم باللقاءات هم اصحاب قرار امني بشان جرائمهم ومجازرهم ، لماذا اذن نلتقي الآن ونحن نطالب حكومات العالم بمقاطعة هذه الحكومة علما بأن سابقاتها لم يكونوا اقل اجراما لتنفيذ مشروعهم . هذا وقت الاهتمام بالذات والاقتراب من جماهيرنا واستكمال بناء مداميك مشروع حقنا في تقرير المصير والاستقلال الوطني بإسقاط الأحتلال والتمييز العنصري في فلسطين حتى نتمكن من مواجهة التحديات والوصول الى ما نريد ، فالرياح لن تبقى جارية كما تشتهي سفنهم التي تغرق الآن ...