كتب رئيس التحرير: على رأس كل ساعة، وكمنبه الهاتف، تذكرنا الحكومة ورئيس الوزراء بجملة "الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد"، تكررت هذه الجملة كثيراً، لكن لم يصدقها الكثيرون في الشارع الفلسطيني، فهم يرون عكس ذلك كلياً، لا أزمة مالية، ولا عاصفة، بل ترف وبذخ وسفريات!

لا ينكر المراقبون والمختصون وجود أزمة مالية تعاني منها الحكومة لأسباب داخلية وخارجية، أما الداخلية سوء الإدارة ومصاريف الحكومة والسلطة الوطنية بكل مؤسساتها بشكل عام التي تفوق إيراداتها بشكل كبير، وأما الخارجية فهي الاقتطاعات الإسرائيلية من أموال المقاصة الفلسطينية، وتوقف الدعم العربي والدولي.

لكن الشارع الفلسطيني لم يقتنع ولن يقتنع بما تروج به الحكومة، فهم يرون السبب الداخلي للأزمة المالية، يرون التبذير وسوء الإدارة، يرون السفريات التي لم تستثنِ مسؤولاً والتي تكلف الخزينة الفلسطينية مبالغ طائلة، يرون المركبات الحكومية التي تجوب الشوارع ليل نهار، يقودها مدراء عامون وحتى أبناءهم، مركبات وقودها وتأمينها وترخيصها وتصليحها على حساب جيب المواطنين ودافعي الضرائب، يرون الترقيات والتعيينات غير المدروسة للمقربين، يرون أشياء لا يُمكن أن تحدث في دولة فقيرة، وحكومة تشكو الفاقة!

أوروبا بعظمتها تقشفتت بسبب الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا او الأزمة الروسية الاوكرانية، ونحن "تبغددنا"! 

في أي تاريخ أو حقبة زمنية أو مساحة جغرافية وُجد شعب تحت الاحتلال مارست حكومته كل هذا البذخ؟!.. لماذا المركبات الفارهة للمسؤولين؟ لماذا صرف بدل الوقود لهم؟ لماذا النثريات للوزراء؟  لماذا كل هذه السفريات وبدل المهمات للوزراء ورؤساء الهيئات التي لا يعرف الشارع عنها إلا ما يقرؤه في الإعلام عن سفر رئيس الهيئة الفلاني وحضورهم المؤتمر العلّاني!

هل حقاً لدى الحكومة خطة تقشف لمواجهة هذه الأزمة المالية؟.. هل عرضتها الحكومة على الشعب؟ ما هي بنودها؟ هل طُبقت فعلاً؟

لماذا لا يُطلب من سفاراتنا التي تنتشر في كل أرجاء الأرض أن تقوم بدور الوفود المسافرة من فلسطين حتى نخفف من النفقات؟.. لماذا لا يقتصر سفر الوزراء في المؤتمرات المهمة على الوزير نفسه؟ يوميا هناك سفريات لوزراء وموظفين في الوزارات ومؤسسات السلطة بشكل عام لحضور مؤتمر او مشاركة بورشة عمل... الخ، كيف هذا كله والحكومة تمر بأزمة مالية خانقة؟

كل هذا البذخ وموظفو الدولة لا يتقاضون رواتب كاملة منذ حوالي السنة، كيف سينظر الموظف لحكومته المتناقضة.

كيف سيثق المواطن بالحكومة ومؤسساتها وهو يرى أن الضرائب التي يدفعها تذهب لوقود سيارات المسؤولين ولسفرياتهم ولنثرياتهم وبدلاتهم؟! 

من جهة أخرى، مع عدم صرف رواتبهم كاملة، يعاني العسكريون في ظل هذا البذخ الحكومي من توقف رُتبهم منذ سنوات وهم مثلهم كباقي الموظفين في السلطة الفلسطينية أيضا يتقاضون رواتب منقوصة، وفي نفس الوقت يُطلب منهم التعامل مع حالة أمنية معقدة، ورغم كل هذا الظلم، لا يزالون يؤدون واجبهم على أكمل وجه!

تبتعد الحكومة بسياساتها أكثر وأكثر عن الشارع الفلسطيني، هذه الحكومة التي حملت شعار الاقتراب من الناس والباب المفتوح، نراها تبتعد عن هموم المواطن، وتنشغل بنفسها وبسفريات وزرائها ونثرياتهم.