كتب رئيس التحرير: عند كل تصعيد إسرائيلي بقتل وتدمير وإرهاب، يتناول المحللون من حقائبهم مصطلحات جاهزة، مثل "فاتورة الدعاية الانتخابية"، فيكون تبريرهم لكل هذا الإرهاب بجملة "ساذجة"، وتقلب الصفحة! وكأن المشكلة انتهت بتوصيفها فقط.

الإعدامات الميدانية التي ارتكبتها تل أبيب في نابلس وجنين وكل التراب الفلسطيني حُللت بأنها "دعاية انتخابية"، إرهاب المستوطنين الممتد من الشمال للجنوب فُسر بأنه استمالة لليمين لغايات انتخابية، كل خطوة تخطوها تل أبيب تفسر في هذا المضمار فقط، وكأن الاحتلال رومنسي بطبعه، والإرهاب طارئ عليه ولا يفطن له إلا قبيل الانتخابات!

هذه كذبة كبرى، وتحليل سطحي ساذج لما يجري، فما يجري هو وجه إسرائيل الحقيقي، وجه الغول الذي يقتات على دم الفلسطينيين، وجه الإجرام القادم من أوروبا وكل أصقاع الأرض ليسكن أرض الفلسطينيين ويبطش بهم، وجه الإرهاب والاحتلال الوحيد في العالم.

في كل مفترق وتصعيد ومواجهة، يظهر جلياً لكل من لديه بصر وبصيرة أن المستوطنين عصابات إجرامية منظمة تعمل تحت إمرتها كتائب الجيش الإسرائيلي، وهو ما كشفت الفيديوهات القادمة من حوارة وغيرها من المناطق، عصابات تبتطش بالفلسطينيين وخلفهم جيش يحمي ظهرهم، ويطلق النار على كل من يعترض على أذاهم وإرهابهم.

الإرهاب ليس طارئاً على المستوطنين وجيشهم، والقتل ليس طارئاً عن آلة الإجرام الإسرائيلية التي تعمل في كل أوقات العام وليس قبيل الانتخابات "لغايات انتخابية"، والمشروع الصهيوني لا يُفعل أوقات الانتخابات فقط، هو مشروع يعمل في كل ثانية ودقيقة وساعة، وطيلة أيام السنة.

الواقع الفعلي هو أن من يحكم إسرائيل الآن، وفي كل وقت هم اليمين المتطرف، لن يأتي على إسرائيل من يحكمها من غير الغُلاة والإرهابيين، فدولة إرهاب لن يكون رأسها داعية سلام، وفي نظر كل إسرائيلي، مهما ابتعد عن اليمين أن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت.

إسرائيل تستغل ما يحدث في العالم وانشغالاته بالحرب الأوكرانية وتبعاتها مع أزمة كورونا وأزمات اقتصادية وأزمات في توفير المواد الأساسية للتغذية والبترول والغاز، واحتمال اشتعال حرب نووية، فكل هذا يدفع الدول للانشغال بنفسها، وعدم الاكتراث بما تقوم به تل أبيب من إجرام وإرهاب وقتل.

الشعب الفلسطيني اكتشف الخطة الإسرائيلية، فالتف حول كل الحركات والمجموعات والكتائب التي تشكلت للرد على جرائم الاحتلال، وهبت الجماهير بقلب رجل واحد في مواجهات قوية وعمليات جريئة فردية وجماعية قد تقلب المشهد لصالح عودة المقاومة وتنظيمها بحيث يعود الاحتلال مُكلفاً لإسرائيل وجيشها.

بات الشارع الفلسطيني المقهور يتابع بيانات المجموعات الفلسطينية التي ظهرت مؤخراً، بل ذهب أبعد من ذلك إلى تنفيذ توجيهات تلك المجموعات مثل الإضرابات وحرق الإطارات، متناسين ومهمشين تصريحات المسؤولين التقليديين الذين ابتعد الشارع عنهم رويداً رويدا.

على السلطة الفلسطينية وقيادتها ومسؤوليها العودة لنبض الشعب ودعمه من خلال تعزيز مقاومته واتخاذ قرارات في هذا الاتجاه، عبر تنفيذ قرارات المجلس المركزي التي اتخذت في العام 2015 وتبني برنامج سياسي وفق ما طرحه الرئيس أبو مازن من خلال تبني محصلة ما طرحه والذي ينص للعودة للقرارات الدولية وتبني بشكل محدد القرار 181 والتحرك الدبلوماسي كما يفعل بزيارة روسيا وخلق التفاف دولي حول القضية الفلسطينية، وتطبيق عملي لاتفاق الجزائر للوصول لوحدة وطنية وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قريبة مهما كانت التحديات.