لم تكتفِ أميركا بدعم سياسة إسرائيل مادياً ومعنوياً، بل أصبحت بقرار وزارة الخارجية الجديد شريكاً متعاوناً مع الاحتلال الإسرائيلي، فهي عندما تمحو حركة «كاهانا حي» من لائحة العنصرية، تصبح «كاهانا حي» حزباً عادلاً مشروعاً يظل يردد شعاره الأبدي «الموت للعرب».
إن أميركا ذاتها، عندما تُلغي قراراها، فإنها تصبح داعماً لهذا الحزب الفاشي، تتبنى شعاره العنصري «ترحيل الفلسطينيين من أرضهم»، وهي بهذه الخطوة تمحو شعارها الديمقراطي «دولة العدل والحرية والمساواة»!
وصل مؤسس حركة «كاخ»، مائير كاهانا إلى القدس 1971، وأعلن عن تأسيس حزب كاخ أي طرد الفلسطينيين، لم توافق حكومة الليكود والعمل على إدراج الحزب في قائمة الانتخابات في عامَي 1976، و1980، وهي حكومة احتلال، والسبب المزعوم كان، لأن مبادئ الحزب تتعارض مع النظام الأساسي الإسرائيلي، فالحزب يدعو للعنصرية والتحريض، ولكن بعد سنوات قليلة، عندما فقدنا قدرتنا على التأثير، وأهملنا متابعة هذا الملف إعلامياً ودبلوماسياً، انتُخب كاهانا عضو كنيست من العام 1984 إلى 1988، وصار الحزب العنصري قانونياً، إلى أن اغتيل مؤسس الحزب مائير كاهانا عام 1990 في نيويورك على يد مهاجر مصري اسمه سيد نصير!
بقي تراثه المتمثل في مدرسة ومعهد كاهانا حاضراً في القدس برئاسة خليفته الغابر بنيامين زئيف، وخرَّجتْ مدرسة ومعهد «كاهانا حي» الإرهابي المتفوق في الإجرام، باروخ غولدشتاين، جزار الحرم الإبراهيمي عام 1994 حين قتل أكثر من أربعين من المصلين الفلسطينيين في الحرم الإبراهيمي، ما أجبر إسرائيل وأميركا أن تصنفا حركة «كاخ» تنظيماً إرهابياً. وبعد عام واحد فقط، تخرج من المدرسة سفاح بارز جديد هو يغئال عامير، اغتال هذه المرة رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحق رابين 1995؛ لأنه عقد اتفاقية أوسلو!
تخرَّج من هذه الدفيئات الإرهابية أيضاً السفاح المجرم عامي بوبر، قاتل تسعة عشر عاملاً فلسطينياً بسلاحه الشخصي في مجزرة عيون قارة 1990، وبنتسي غوبشتين الذي طالب حكومة إسرائيل يوم 20-5-2022 بإزالة المسجد الأقصى ودعا لتدميره بالجرافات، ومن أبرز خريجي هذا التنظيم الإرهابي، مائير إتنغر والمجرم عميرام بن عولئيل حارق عائلة الدوابشة، وثُلَّة حارقي الطفل محمد أبو خضير، وكل منفذي مسلسل جرائم القتل والحرق الجارية حتى الآن!
أفرزت حركة «كاخ» الإرهابية كذلك نُسخاً جديدة مُعدلة جينياً، منها: «كاهانا حي»، ثم حركة «لهبا»، ثم أولاد لاخيم، وشبيبة التلال، وزعران المستوطنات، وجماعة دفع الفاتورة، وجمعية «نفس بنفس»، ثم أنتجت في النهاية النسخة الجديدة المعدلة من «كاخ» وأخواتها، وهي حزب العظمة اليهودي، وهو الشريك الحالي في المعارضة مع نتنياهو، برئاسة بن غفير!
لا يزال أعضاء الكنيست الكهانيون رافعو شعار «الموت للعرب» يحظون بالحصانة، إيتمار بن غفير، بتسلئيل سموتريتش، والوزير يعقوب لتسمان، والمحامي متشل بن آري، ولا يزال الكهانيون المتسترون من الأحزاب الحريدية، الحاخام دوف ليئور، والحاخام شموئيل إلياهو، وكبير حاخامي السفارديم يعقوب يوسيف، ومؤلفو أبشع كتاب عنصري «توراة الملك»، وآخرون، يستعصي إحصاؤهم لكثرة عددهم، ولنفوذهم السياسي الكبير!
أخيراً فإنني أُهدي هذه اللقطة من أشهر كتاب عنصري في تاريخ العالم كله، كتاب مائير كاهانا، وهو الكتاب الصادر باللغة الإنجليزية عام 1980، وغير المترجم إلى العربية حتى اليوم كتاب «يجب أن يرحلوا، They Must Go» إلى وزير الخارجية الأميركي!
جاء في الكتاب: «هل قررت إسرائيل الانتحار، فالعرب سيصبحون الأكثرية؟! لا يشعر العرب بالانتماء للدولة، فهم يتلقون نقود الدولة وخدمات الرفاه الاجتماعي، وهم يؤمنون بتدميرها. هل هناك حل؟ نعم، الحل هو رفض منحهم الإقامة، وتخييرهم بين الترحيل الطوعي مع مكافأة، أو الترحيل القسري بلا مكافأة، لا مجال للمساومة»!