صدى نيوز - كتب رئيس التحرير: يختلف عمل الصحفي في فلسطين عن عمل زملائه في بقية أنحاء العالم، هنا الساحة أخطر وأقرب إلى الموت حتى من ساحات الحروب، فيد جنود الاحتلال وبإعتراف قادته مُنفلتة، وُمطلقة بشكل كامل ولا محددات لها في إطلاق النار، بعكس الحروب التي رُبما تحصد أرواح صحفيين بـ"الخطأ" في أحيان كثيرة.

أكثر من صحفيين اثنين يرتقيان سنوياً في فلسطين برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، هذا هو المعدل منذ عام 2000، حيث قتلت إسرائيل 55 صحفياً فلسطينياً في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ ذلك التاريخ، لا لشيء إلا لحجب جرائمها عن العالم، فالصحافة لسان حال أي أمة، لذا فإن إسرائيل تحاول بتر هذا اللسان، وخلع عين الحقيقة.

هذا الإجرام الإسرائيلي لا يزال محمياً من القادة الأوروبيين والأمريكيين، فرغم كل الجرائم لم تقف يوماً إسرائيل أمام قضاة محكمة الجنايات، ولم تقف دولة من الدول العظمى حول العالم لتقول إن إسرائيل تُجرم وتقتل وتغتال بدم بارد، بعكس ما رأيناه في الحرب الروسية- الأوكرانية، والتي وقف فيها العالم على قدم واحدة ضد روسيا، متهمين إياها بارتكاب جرائم حرب وقتل صحافيين ومدنيين، وهو ما فعلته إسرائيل بالضبط وأمام عدسات الكاميرات!

هذا العالم المنحاز كلياً للرواية الصهيونية يحول حجر الطفل التي يلقيها على مركبات الاحتلال لقنابل، والصاروخ الإسرائيلي الفتاك لسلاح ذكي، فبماذا سيصف كاميرا شيرين؟ هل سيقول إنها كانت تحمل مدفعاً؟

هذا العالم المنافق صاحب الوجهين، يبحث بالإبرة ونكاشة الأسنان عن جرائم حرب في أوكرانيا لإدانة روسيا، ويتعامى عما ترتكبه تل أبيب في فلسطين، تلك الجرائم التي لا تحتاج أبداً لمن يبحث عنها، بل تحتاج لمن يوثقها، فهي واضحة تماماً.

أقل ما يُقال عن جريمة قتل الشهيدة شيرين أبو عاقلة أنه إعدام خارج نطاق القانون، فالقناص الإسرائيلي الذي استطاع زرع رصاصة أسفل أذن شيرين، ليتأكد من قتلها وهي تلبس الخوذة الواقية والدرع الواقي  الذي يشير إلى مهنتها قادر على تحديد هويتها ومعرفتها بشكل واضح.

كانت حياة شيرين لعنة على الاحتلال من خلال توثيق الشهيدة لجرائمه، وكان رحيلها لعنات متتالية على تل أبيب ومن يقف خلفها. شيرين لم ترضَ يوما بالظلم بل وهبت حياتها لنقل صوت ومعاناة شعبها من قلب الحدث وبين القنابل والرصاص والصورايخ، من غزة حتى جنين وها هي تقاتل حتى برحيلها وتظهر حقيقة الاحتلال الذي يقتل الأبرياء ويدمر الحجر والشجر.

شيرين اليوم تنشر صوت الحقيقة في شاشات العالم الحر وغير الحر في وسائل التواصل الاجتماعي وفي برلمانات العالم فهناك الأحرار بينهم صرخوا من هول الجريمة وطالبوا بمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيلين.

شيرين وثقت بدمها جريمة حرب مكتملة الأركان لجنود الاحتلال، شيرين وحدت شعبها الذي خرج مُجتمعا باكياً لها.

تابوت شيرين الذي لاحقته إسرائيل من المستشفى للشارع للكنيسة للمقبرة كان وسيظل لعنة تطارد قتلة الصحفيين، وحقيقة لن تُسكتها بنادق تل أبيب ودعايتها.

مطلوب من العالم ومن نقابة الصحفيين ومن الحكومة الفلسطينية ومن كل الأحرار في العالم  جلب هؤلاء القتلة لمحكمة الجنايات، وحماية الصحفيين الفلسطينين، فقد كشف قادتهم أن كل من يوثق جرائمهم هدف لجنودهم، لذا فإن شيرين لن تكون جريمتهم الاخيرة.