كتب رئيس التحرير: الرموز الدينية والوطنية في جوهرها انعكاس لأفكار وعقائد الشعوب، حتى غدا المس بها من المحرمات، ووصل الأمر في بعض المجتمعات والدول لتجريمها ومحاكمة من يعتدوا عليها مادياً ومعنوياً.

الختيار، الشهيد ياسر عرفات، أيقونة الثورة الفلسطينية وقائدها منذ انطلاقتها عام 1965، وهو في نظر الشعب الفلسطيني، من عاصره منهم ومن لم يعاصره، رمزاً من الرموز الوطنية، وباتت كوفيته عنواناً واسماً ورسالة الأحرار، فلسطينيين وغير فلسطينيين، فيما يعرفنا الكثيرون حول العالم بمعرفتهم ليسار عرفات.

المعرض الذي أقامته مؤسسة ياسر عرفات والذي احتوى على رسومات كاريكاتورية، فيها مس وإساءة للقائد الرمز أبو عمار، رغم عدم تشكيكنا بانتماء من يقود المؤسسة.

برر القائمون على المعرض الرسومات بأنها نظرة بعض الرسامين العالميين لأبو عمار فمنهم الصيني والهندي والبرازيلي، وجميع هذه الرسومات رسمت أبو عمار بوجه مشوه وأنف فيل وعين عوراء وأذن قرد وشفاه حيوان، فما هي رسالة المؤسسة من هذا العرض؟!؟ بل من أين أتى هؤلاء الرسامون؟ فالصينيون يرون أبو عمار تنيناً ورمزاً للثوار الاحرار، وفي الهند يرونه شاه شاه "ملك الملوك"، وفي البرازيل تمثاله لديهم في أهم المدن والساحات!

غضب الشارع الفلسطيني مبرر عندما يتم تقزيم رمزهم والمس به، ولكن غير المبرر حتى الآن حجة القائمين على المعرض "المسيء"، وفتور الموقف الرسمي وقيادات حركة فتح ومركزيتها وضعف بيانات المؤسسة وتوضيحها لما حدث، وكذلك ضعف بيان المجلس الثوري والمركزية والذي لم يصل لإقالة من قام بهذا الأمر.

الموقف الرسمي كان ضعيفا بل اختفى، في الوقت الذي لا يكون فيه رد الفعل مشابهاً عند انتقاد قيادات بعض الدول العربية المطبعين أو المقصرين بحق شعبنا، حيث تصدر بيانات وتبريرات وأحيانا اعتقالات لمن فعلوها.

تفاعل الشارع الصادق والذي أوقف المعرض واغلقه محل تقدير وفخر بهذا الشعب الوفي لأبطاله وشهدائه ورموزه، رغم أن حجم الاحتجاجات لم يكن بالمستوى المطلوب عندما هاجمت فضائيات عربية الرمز أبو عمار وزورت تاريخه وقدمت رويات كاذبة عنه، بل وعن قضيتنا  لصالح الاحتلال الاسرائيلي مثل فضائية MBC.

هذه السقطة تم استغلالها من خصوم سياسيين بطريقة غير مقبولة وبعيداً عن الانتصار للفكرة والرمزية لأبو عمار، بل لتعرية شخصيات بعينها، وفصيل بعينه، مدعين أن فتح لم تحافظ على رموزها، وهنا يجب التوقف والانتباه، وعدم حرف حالة الغضب عن مسارها وأهدافها، من خلال تشكيل لجنة تحقيق شفافة توضح للشارع كل التفاصيل التي رافقت هذه السقطة واتخاذ اجراء رادع بحق المقصرين.

رمزية أبو عمار راسخة كجذور النخيل في قلوب وعقول الفلسطينيين، تماماً كما كتبت طالبة في إحدى المدارس: "أجرمت الريشة التي رسمت، وعمياء العين التي نظرت وصمتت، وخائنة الجدران التي حملت وجاهلة العقول التي قبلت وعرضت".