بين كل فترة وأخرى، نعود لنقاش عناوين سابقة دون أن نتخطى الفترة الزمنية بحيث نبقى أسرى لأرقامها ومعطياتها. عدنا هذه المرة لنقاش مقاطعة منتجات المستعمرات ودعم المنتجات الفلسطينية، في ورشة عمل حملت البعد القانوني والاقتصادي، نظمت من قبل هيئة شؤون المنظمات الأهلية وهيئة حملة الدكتوراه في الوظيفة العمومية، وفوراً نحمل القلم الأحمر لنصوّب نحو بعضنا البعض، ولكننا لا نطرح توصية بديلة.
الأكاديمي متهم بأنه (يتفلسف) علينا ولا علاقة له بالميدان، فيبتسم ويقول: ليت السياسيين يأخذون فلسفتنا، فمؤتمر هرتسيليا وضع مستقبل إسرائيل 2050 من أشخاص أكاديميين وباحثين، ولكن الساسة هناك يأخذون بها وعندنا لا يفعلون.
السياسي متهم بأنه غائب لكي لا يستمع، وكأن رئيس المؤتمر وعضو اللجنة التنفيذية ووزيرين ومحافظاً وقوى لا يمثلون الشق السياسي، وكأننا نقول: إن هناك من يجب أن يحضر بعينه لنعيد مرة أخرى: هكذا اكتمل النصاب. القصة ليست بهذا التعقيد، بل هي ببساطة توصيات ترفع لجهات الاختصاص بعد صياغتها بدقة ومتانة وتوضع أمامهم لمتابعتها.
القطاع الخاص لا يدفع الحد الأدنى للأجور ببساطة متناهية، بالإمكان القول: جزء من القطاع الخاص لا يدفع لنزيل الشبهة عن البعض الذي يدفع وزيادة.
في سياق النقاش، نصل لاستنتاجات هي حاضرة أمامنا، ولكن يجب أن نحضرها بقوة، أهمها أن هناك تغيراً في وعي المستهلك، وتغيراً في مصلحة التاجر مع المنتجات الفلسطينية، فنلمس اليوم إقبالاً بات واضحاً على المنتجات الفلسطينية، ونشهد حضورها بقوة في المحلات نتيجة لنسبة ربح مناسبة للتاجر وجودة تقود المستهلك صوبها.
مهم ألا نربط الجودة بالمنتجات الإسرائيلية، وهذا ما يحدث غالباً، وكنت أظنه فقط من قبل الطلبة في الصفوف الأساسية الذين يظنون أن الجودة في المنتجات الإسرائيلية فصوّبنا هذا المفهوم، فاكتشفنا أن الموضوع صعد لأذهان ممثلي مؤسسات وجمعيات وساسة.
نقاش قضايا من عيار ضمان استمرار التوريد من قبل المنتجات الفلسطينية وعدم انقطاعه، وهذا أمر تجاوزناه منذ زمن حينما كان المستهلك يبحث عن الحليب الطازج عام 2014، فيقال: فيه نقص من المصنع أو الحليب منزوع الدسم وأنواع من المنظفات، ولكننا اليوم نجد هذه المنتجات حاضرة ولا تنقطع رغم أن القشدة الحامضة مثلاً تصنع من قشدة الحليب، وهذه تحتاج إلى وقت، أما النوع الذي تستخدم فيه زيوت مهدرجة فيتوفر بكميات للإسرائيلي منها.
العنوان السياسي يقال فيه: إن فتح بروتوكول باريس الاقتصادي مرتبط بالأم الشرعية اتفاقية المرحلة الانتقالية (أوسلو)، ماذا حدث في قرارات المجلس المركزي بتحلل منظمة التحرير من التفاهمات مع الاحتلال ووضع آليات للتحلل، المناطق المصنفة قصراً (ج) جوهر التنمية وهل نحن لها أم نضعها شماعة.
قانونياً، هناك عناوين مهمة وضرورية ولكننا نعيد نقاشها كل فترة وأخرى، وسم منتجات المستوطنات وقرار محكمة العدل الأوروبية بهذا الخصوص، الإعلان عن 117 شركة عالمية عاملة في المستوطنات واعتبار عملها غير شرعي من قبل المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ضرورة تحديث قانون يجرم منتجات وخدمات المستوطنات، تجريم جامعة الدول العربية للشركات العاملة في المستوطنات.
أنا على ثقة أننا سنعود لنبش ذات الملف بعد ستة أشهر؛ لأننا نتيجة وضع سياسي أو غيره، ولا نقيم وزناً لحصة المنتجات الفلسطينية السوقية، ولا نقيم وزناً لمضاربات منتجات المستوطنات في القطاع الزراعي في مواسم تشكل مفصلاً مهماً للمزارعين الفلسطينيين دون تجريم هذه المسألة قانونياً وإشهار أسماء المتورطين، وتغليظ العقوبات حسب القانون ضمن أركان المحاكمة العادلة.
الأهم النقاش الذي يحصل من قبل الحضور بطرح رؤى في الملف للمؤسسات التي يمثلونها وهذا مهم، النقاش مع السياسيين والأكاديميين والقطاع الخاص مهم لتنجلي الأمور، النقاش حول آليات التحلل من الاتفاقيات مع الاحتلال وهذا مطلب شعبي.
الأهم في النقاش أننا يجب أن نستمر في دعم وتشجيع المنتجات الفلسطينية وزيادة حصتها السوقية، وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي لننتصر لذاتنا ولرؤيتنا.