خاص صدى نيوز - تتجه الأنظار هذه الأيام نحو السعودية وإيران، وسط توقعات بعودة وشيكة للعلاقات بينهما، بعد خلاف كبير استمر لأكثر من 5 سنوات، ازداد شدة إبان حكم دونالد ترامب للولايات المتحدة الأمريكية، فلماذا تتصالح أكبر دول الشرق الأوسط؟  

قطعت الرياض وطهران العلاقات في عام 2016 بعد أن هاجم محتجون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران ردا على إعدام المملكة لرجل الدين نمر باقر النمر.

وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلة أجراها عام 2017 مع صحيفة نيويورك تايمز وتابعتها صدى نيوز، قد وصف المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي،  بأنه "هتلر الشرق الأوسط الجديد الذي لا تنجح معه التهدئة". لترد خليه الخارجية الإيرانية فورا:" ننصحك بأن تفكر في مصير الحكام الديكتاتوريين المشهورين".

وبعد 5 سنوات من القطيعة والعداء، قدرت مصادر دبلوماسية أن السعودية وإيران تقتربان من اتفاق تطبيع وفتح سفارات فيما بينهما. معتبرة أن هذه ضربة لـ"إسرائيل" التي تعتبر إيران الخطر الأول.

وكان العاهل السعودي قد أعرب في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن أمله في أن تؤدي المحادثات مع إيران إلى "نتائج ملموسة لبناء الثقة" وإحياء التعاون الثنائي، لكنه دعا طهران أيضا إلى وقف "جميع أنواع الدعم" للجماعات المسلحة في المنطقة، مشيرا بشكل خاص إلى الحوثيين في اليمن الذين صعدوا الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على المملكة.

وكما نقلت "أ ف ب" عن مصادرها وتابعت صدى نيوز:" أجرى مسؤولون سعوديون وإيرانيون جولات من المباحثات خلال الأشهر الماضية في بغداد، وتحدث الجانبان أخيرا بإيجابية عن هذه المحادثات التي أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود أن جولة رابعة منها عقدت في نهاية سبتمبر الماضي وأعرب عن أمله في أن "تضع الأساس" لمعالجة القضايا بين البلدين.

وقال نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إن المناقشات "تسير على المسار الصحيح"، حيث صرح: "لقد حققنا نتائج واتفاقات، لكننا ما زلنا بحاجة لمزيد من الحوار".

وكانت تلك الجولة الأولى منذ تسلم إبراهيم رئيسي الرئاسة في طهران.

شبه اتفاق على تهدئة التوتر

وأفاد دبلوماسي أجنبي في الرياض لوكالة "فرانس برس" وتابعت صدى نيوز بأنه كان هناك شبه اتفاق بين الرياض وطهران في آخر جولة محادثات في بغداد على تهدئة التوتر بينهما والحرب بالوكالة الدائرة في المنطقة.

وأضاف الدبلوماسي الأجنبي أن الجانبين "سيضعان على الأرجح اللمسات الأخيرة للاتفاق" في جولة جديدة من المحادثات قد تأتي في غضون أيام.

وتابع قائلا: "لقد توصلوا من حيث المبدأ إلى اتفاق لإعادة فتح القنصليات، وأعتقد أن الإعلان عن تطبيع العلاقات قد يأتي في الأسابيع القليلة المقبلة".

وأردف الدبلوماسي الأجنبي بالقول: "السعودية مهتمة بإنهاء الصراع في اليمن الذي كلفها مليارات الريالات"، موضحا أن طهران تسعى أيضا إلى إيجاد فرص اقتصادية مع الرياض في الوقت الذي تتطلع فيه إلى إنعاش اقتصادها المتضرر من العقوبات.

السعودية: الوضع مشجع جداً

مستشار الحكومة السعودية علي الشهابي وصف الوضع الحالي بالإيجابي والمشجع جدا، لكنه أشار إلى أن الرياض تحتاج إلى أن يكون هناك خطوات فعلية.

وأضاف كما تابعت صدى نيوز: "إيران بحاجة إلى اتخاذ خطوات حقيقية وليس الاكتفاء بالحديث اللطيف.. يجب أن تكون هناك بعض الخطوات الجوهرية من جانب إيران قبل أن تسمح السعودية بإعادة فتح السفارات"، مشيرا إلى ملف اليمن على وجه الخصوص ووقف تمويل وتسليح الحوثيين.

ويرى خبراء أن هناك أسبابا اقتصادية أيضا وراء الانفتاح بين البلدين.

وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية إلى أنه لوحظ منذ مدة أن الإعلام الحكومي السعودي خفف من حدة لهجته تجاه إيران.

ماذا تريد السعودية من إيران؟

منذ بدء الحرب في اليمن عام 2015، تنفق السعودية بين 5و6 مليارات دولار شهريا، بينما تنفق إيران بضعة ملايين فقط لدعم الحوثيين، كما أورد معهد بروكينع ونقلت رويتز. 

وكان بن سلمان يفترض أنه سيحقق نصرا سهلا لكن الحرب تحولت لكارثة وهزمت الرياض رغم مليارات الدولارات التي أنفقت.

فما تريده السعودية هو الخروج من مستنقع اليممن المكلف وإيقاف التهديدات الأمنية ففي 2019 توقف نصف إنتاج السعودية من النفط بعد هجمات استهدفت منشآت نفطية سعودية.

كما تريد "حليف في زمن بايدن"، فقد انتقد بايدن بشدة السعودية بعد وصوله للبيت الأبيض، وتعهد بإعادة تقييم العلاقة معها كما علق مبيعات الأسلحة الهجومية لها.

إيران: المحادثات مع السعودية في أفضل حالاتها

المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، قال إن المحادثات بين طهران والرياض قائمة على أفضل حال، والجهود مستمرة لبدء علاقات مستديمة وفي أطر يرضى بها الطرفان.

وأضاف خطيب زاده: إن المحادثات متواصلة في بغداد، ويتم التطرق خلالها إلى مختلف الملفات، مبيناً أن التركيز الرئيسي ينصب على العلاقات الثنائية، وإلى جانبها المباحثات بشأن القضايا الإقليمية وهي متواصلة.

ماذا تريد إيران من السعودية؟

ما تريده إيران هو تخفيف العزلة السياسية، فخلال السنوات الماضية زاد تدخل إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن من عزلتها الدولية وضائقتها الاقتصادية، وباتت تحرص طهران على المصالحة مع السعوديين لترسخ شرعيتها وتظهر لشعبها أن الضائقة الاقتصادية ليست ناجمة عن تدخلاتها المكلفة في الشرق الأوسط

كما تسعى إيران في الحصول على المساعدة السعودية في اتفاق نووي جديد، في وقت تريد فيه واشنطن اتفاقا نوويا جديدا، تريد طهران من الرياض التوقف عن الضغط بفرض عقوبات عليها.

وكما قالت صحيفة أسيوشيتد برس وتابعت صدى نيوز فإن إيران تعرف ان الانفراج مع السعودية سيعمل لصالحها خلال المحادثات مع واشنطن والقوى العالمية.

وفي سياق آخر، فإن إيران تخشى من انضمام السعودية إلى قافلة اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وتحاول منع حدوث اتفاق بينهما.

كيف تنظر إسرائيل لاتفاق السعودية وإيران؟

وفي ذات السياق، قالت صحيفة هآرتس كما تابعت صدى نيوز: "إذا انتهت المفاوضات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية بالفعل بالاتفاق والتطبيع، فستكون الفصل الأخير من التحالف المناهض لإيران الذي بنت إسرائيل عليه الجبال والتلال، بل ورأت نفسها عضواً غير رسمي فيه، لدرجة أن هذا القاسم المشترك بينها وبين السعودية بعث الأمل في أن تجدد المملكة علاقاتها مع إسرائيل.

وبينت هآرتس أن العلاقات بين السعودية وإيران قد تزيل الحواجز التي تعترض قنوات الاتصال بين جميع الدول العربية وإيران، كما برهن على ذلك وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي قال في محادثة هاتفية مع نظيره الإيراني هذا الأسبوع إن "العلاقات الطيبة مع إيران قائمة. مصلحة الأردن المهمة".

وبدأت الاجتماعات بين السعودية وإيران سرا في أبريل نيسان. حتى الآن، جرت ثلاث جولات من المحادثات، كان آخرها في نهاية سبتمبر، بعد تعيين الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي رئيساً، وفقا للصحيفة.

وأضافت: "من المتوقع إجراء جولة أخرى في الأيام المقبلة، خلال حملته الانتخابية، بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي"، صرح رئيسي أن سياسته الخارجية ستركز على إعادة العلاقات بين إيران والدول المجاورة، وخاصة المملكة العربية السعودية.