مال وأعمال

أرمينيا وأذربيجان تعلنان الحرب .. كلمة السر: "

صدى نيوز -أعلنت أذربيجان وأرمينيا اليوم حالة الحرب في مناطق اندلعت فيها صباح اليوم اشتباكات بين قوات الطرفين في إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه، وتبادل الجانبان الاتهام بالمسؤولية عن بدء القصف، في حين دعت روسيا وتركيا وإيران الطرفين إلى الوقف الفوري لإطلاق النار.

وصادق البرلمان الأذري على إعلان حالة الحرب في بعض المدن والمناطق إثر اشتباكات حدودية مع أرمينيا، وفرض البرلمان الأحكام العرفية في مناطق الاشتباكات، وقال رئيس أذربيجان إلهام علييف إن بلاده "لن تقبل بحل مجتزأ لمشكلة ناغورني قره باغ، ولا بديل عن استعادة سيادة ووحدة دولتنا على كل أراضيها".

وأضاف علييف في خطاب تلفزيوني للشعب الأذري أن جيش بلاده "يقاتل على أرضه"، واتهمت وزارة الدفاع الأذرية في بيان الجيش الأرمني بأنه هو من بدأ "عملية استفزاز واسعة النطاق في ساعات الصباح الأولى، عبر إطلاق النيران بالأسلحة الخفيفة والثقيلة ضد مواقع أذرية عسكرية ومدنية".

وأوضحت وزارة الدفاع الأذرية أنها قررت إطلاق هجوم معاكس على طول خط الجبهة للرد على ما سماها الاستفزازات الأرمينية، من أجل حماية المدنيين في المنطقة.

أذريون يقفون اليوم بجانب الطريق لتحية أفراد من جيش بلادهم في وقت نشبت فيها اشتباكات بين القوات الأذرية والأرمينية بإقليم قره باغ (رويترز)

"جمهورية ناغورني"
بالمقابل، أعلن أرايك أرتونيان رئيس الإدارة الأرمينية الانفصالية المسماة "جمهورية ناغورني قره باغ"، في وقت سابق اليوم، حالة الحرب والتعبئة العامة في جميع أراضي الإقليم. وقال خلال جلسة طارئة للبرلمان في عاصمة الإقليم ستيباناكرت (خانكندي بحسب تسميتها الأذرية)، إنه قرر إعلان الأحكام العرفية وتعبئة جميع الذكور القادرين على الخدمة العسكرية ممن تتجاوز أعمارهم 18 عاما.

وأضاف أن الجانب الأرمني لا يريد الحرب التي تستدرجه إليها أذربيجان حسب تعبيره، محملا الرئيس الأذري المسؤولية عن "الكارثة الإنسانية التي ستلحق بالمنطقة جراء الحرب".

وأعلنت السلطة الأرمنية مقتل 10 من العسكريين الأرمن على الأقل من قوات الإقليم نتيجة القصف الأذري، كما ذكر أرتونيان أن دمارا كبيرا لحق بمنشآت مدنية، وأشار إلى مقتل امرأة وطفلها جراء القصف.

وخاطب رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان شعبه قائلا "استعدوا للدفاع عن أرضنا المقدسة". وكان قد أعلن في ساعة مبكرة من صباح اليوم، أن أذربيجان هاجمت مناطق مدنية في ناغورني قره باغ.

واتهم باشينيان أذربيجان بإعلان الحرب على الشعب الأرمني، محذرا من أنه لا يستبعد بأن يتجاوز التصعيد في الإقليم المتنازع عليه حدود المنطقة، ويهدد الأمن الدولي.

متطوعون اجتمعوا اليوم في العاصمة الأرمينية للمشاركة في جبهات القتال ضد القوات الأذرية (روريترز)

جذور تاريخية

ناغورني قره باغ إقليم يقع داخل أراضي أذربيجان التي تتنازع عليه مع أرمينيا الداعمة لانفصاله، وأدى هذا النزاع إلى حرب بينهما وقعت فيها مذابح وأعمال وحشية وتهجير، خاصة في حق سكانه من الأذريين، وتعد مشكلته من أطول وأعقد الأزمات التي تفجرت في مناطق الاتحاد السوفياتي إثر انهياره عام 1991.

ويقع إقليم ناغورني قره باغ في الجزء الغربي من أذربيجان، على بعد نحو 270 كيلومترا من عاصمتها باكو، وتقدر مساحته بنحو 4400 كيلو متر مربع، أي ما نسبته 15% من مساحة البلاد.

يبلغ عدد سكان ناغورني قره باغ (طبقا لإحصاء أجرته السلطات الأرمنية في يناير/كانون الثاني 2016) 148.1 ألف نسمة، وتشير تقديرات إلى أن نسبة الأرمن من السكان تمثل 95% والباقي من أعراق أخرى.

تاريخ النزاع

تعود جذور النزاع بين أذربيجان وأرمينيا على إقليم ناغورني قره باغ إلى عشرينيات القرن الماضي، عندما قرر جوزيف ستالين عام 1923 ضم الإقليم -الذي كانت تقطنه أغلبية أرمينية في ذلك الوقت- إلى أذربيجان ومنحه حكما ذاتيا، وفي الوقت نفسه أبقى إقليم ناختشيفان بأغلبيته الأذرية معزولا داخل أرمينيا، وذلك لزرع بذور صراع بين الدولتين يضمن للحكومة المركزية في موسكو نفوذا دائما.

ولما بدأت قبضة الاتحاد السوفياتي سابقا تتراخى على الدول التي تدور في فلكه، تفجر الخلاف بين أرمينيا وأذربيجان بشأن السيادة على هذا الإقليم عام 1988، وبلغ النزاع ذروته بإعلان الدولتين استقلالهما عن الاتحاد السوفياتي عام 1991.

وتزامنا مع ذلك، أعلن أرمن الإقليم الانفصال عن أذربيجان، فأرسلت حكومة أذربيجان قوات إليه محاولة استعادته. وبدورها ساندت أرمينيا أرمن قره باغ؛ فبدأت الحرب التي أودت بحياة أكثر من 30 ألف شخص من الأذريين والأرمن.

وفضلا عن الخسائر في الأرواح؛ أرست الحرب حقائق ديموغرافية وجغرافية جديدة؛ فقد تسبب الصراع في حركة لجوء في الاتجاهين قُدرت بأكثر من 1.2 مليون، أغلبهم من الأذريين، وبسببها أصبح أغلب سكان الإقليم من الأرمن.

وإضافة إلى سيطرة الأرمن على الإقليم؛ انتزعوا 7 مناطق حدودية أذرية أخرى (تقدر بـ20% من أراضي أذربيجان)، أمنت لهم تواصلا طبيعيا عبر ممر "لاتشين" مع دولة أرمينيا، وقد تحمل أرمن المهجر تكاليف تعبيد هذا الممر الذي يبلغ طوله 60 كيلومترا.

وبينما تطالب أذربيجان بعودة الإقليم إلى سلطتها، وتعرض على الأرمن فيه سلطات استقلالية واسعة في سياق حكم ذاتي حلا للأزمة، تدعم أرمينيا انفصاله عن أذربيجان، وتقدم مساعدات لسلطته الانفصالية التي غيّرت اسمه إلى "آرتساخ".

وفي مسعى لوقف الحرب، أصدر مجلس الأمن عام 1993 قراره رقم 822، وطالب فيه القوات الأرمينية بالانسحاب من الأقاليم المحتلة في أذربيجان، لكن القوات الأرمينية لم تمتثل للقرار.

وانتهى القتال بين أذربيجان وأرمينيا على ناغورني قره باغ عام 1994، عندما تم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار. وما زال الجانبان رسميا في حالة حرب لأنهما لم يوقعا على معاهدة سلام.