من هم أصحاب "السترات الصفراء" في فرنسا؟
منوعات

من هم أصحاب "السترات الصفراء" في فرنسا؟


رام الله - صدى نيوز - جذبت صور التحصينات والحواجز المُشتعلة ومشاهد شرطة مكافحة الشغب وإلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع، وسط أفخم شوارع باريس، الشانزليزيه، الاهتمام العالمي نحو أصحاب "السترات الصفراء"، الذين ضجت العاصمة الفرنسية بهم الأسبوع الماضي.

وأُطلق اسم "السترات الصفراء" على هؤلاء المحتجين، بسبب ارتدائهم لسترات عاكسة للضوء، بلون أصفر، كرمز لطلباتهم. فالقانون الفرنسي يُجبر كل سائقي المراكب، على حيازة مثل هذه السترات في سياراتهم، لكي يرتدوها في حال تعطلها على جوانب الطرق، حتى يراهم السائقين الآخرين.


وبدأت حركة "السترات الصفراء"، في وقت سابق من الشهر الحالي، كمظاهرة ضد ارتفاع أسعار المحروقات، لكن تأثيرها تصاعد حتى باتت تلعب دورًا في سياق أوسع، حيث أن أفراد الحركة الاحتجاجية، أصبحوا يعبرون عن الاستياء العام من سياسات الرئيس، إيمانويل ماكرون.

وبدأت مظاهرات "السترات الصفراء"، بعد أن اندمج الارتفاع العالمي لأسعار النفط، بزيادة الضرائب المحلية على أسعار السولار، والتي بلغت نحو 7.6 يورو سنت لكل ليتر، منذ بداية العام الحالي، ما دفع سعر المستهلك إلى الارتفاع لمستويات غير مسبوقة.

تُقدم المدن الفرنسية الكبيرة خدمات نقل على مستوى عال، تتمثل بشبكات قطار المترو وخطوط الحافلات مُتقنة التخطيط، لكن المسافرين اليوميين في المناطق الأخرى، يضطرون إلى القيادة لمسافات طويلة من أجل وصول أماكن عملهم.

وتدّعي الحكومة أن معدلات الضريبة المرتفعة المصحوبة برفع أسعار السولار بـ6.5 يورو سنت لليتر الواحد العام المقبل، تأتي ضمن خطّة حكومية لمواءمة أسعاره مع البنزين (الوقود)، من أجل تقليل استهلاكه على المدى الطويل والحد من التلوث الناجم عنه.

وحول هذه الخطّة، أوضح ماكرون أنه يُفضل "إضافة الضريبة على الوقود أكثر من العمل. وإن أولئك المتذمرين من ارتفاع أسعاره، يطالبون أيضا، باتخاذ خطوات ضد تلوث الهواء، لأن أطفالهم يمرضون منه".

لكن الأشخاص الذين يعيشون في مناطق تبعد عن شبكات النقل التكنولوجية كـ"أوبر"، وعن خدمات تشارك ركوب الدراجات المُنتشرة في المدن الفرنسية الكبيرة، لا يصدّقون تذرّع الحكومة بحماية البيئة من أجل رفع أسعار الوقود.

ويظن هؤلاء أن هذه الضريبة هي بمثابة عقاب للعائلات التي تُكافح من أجل تغطية نفقاتها، ودليل آخر على ازدراء الرئيس للناس العاديين من الطبقة العاملة.

وشارك نحو 280 ألف محتج من "السترات الصفراء"، في المظاهرة الأولى التي خرجت في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وأغلقوا فيها الدوارات والطرق في جميع أنحاء البلاد.

وجاب عدد أقل بقليل من نصف الذين شاركوا بالمظاهرة الأولى، شوارع باريس، في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لتتحول مظاهرتهم لاحتجاج "عنيف" بعد أن قوبل المحتجون بقمع الشرطة.

وقد استفادت حركة "السترات الصفراء"، التي نشأت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتبنّت صورة ثورية، من الغضب المتصاعد تجاه مفهوم شرائح واسعة من المواطنين تجاه ماكرون والطريقة التي يحكم بها البلاد على أساس منطق النخبة المثقفة في باريس.

إن أمد استمرار هذه الاحتجاجات يتعلق جزئيًا بصمودها أمام محاولات تحويلها إلى حركة أكثر تنظيمًا، فـ"السترات الصفراء" ما زالت غير هيكلية وبدون قيادة، وهاتان ميزتان قد تمنحا القوّة لكن مع نقاط ضعف، أيضًا.

وقد يغذي التنافس الداخلي أو الأهداف المتضاربة لأعضاء الحركة إلى انقسامها، الأمر الذي سيحصل، أيضًا، في حال فقدت قاعدة التأييد الشعبي بسبب الأجزاء التي تدفعها إلى الراديكالية، فبخلاف المظاهرات التي تقودها النقابات، فإن طبيعة مظاهرات "السترات الصفراء"، غير المتبلورة (ممأسسة)، تضع أمامها عوائق لإجراء مفاوضات مع الحكومة.

ويتلخص التحدي أمام ماكرون، بالدفاع المستمر على المبادئ البيئية التي قال إنها سبب هذه الضرائب، بالإضافة إلى الحفاظ على صورته كقائد حازم لا يخضع للمظاهرات التي تملأ الشوارع، كما فعل الكثير من أسلافه، في حين يتغلب على السياق الذي يُنظر إليه فيه بأنه لا يستجيب إلى مطالب الناس العاديين.