حرب دامية أذلّت الصين وجعلت من اليابان قوة عالمية
منوعات

حرب دامية أذلّت الصين وجعلت من اليابان قوة عالمية

رام الله - صدى نيوز - تصنف الحرب الصينية اليابانية الأولى، والتي جرت وقائعها ما بين عامي 1894 و1895، كأول نزاع عسكري هام ضد قوة أجنبية في تاريخ اليابان المعاصر، فعلى إثر نهاية سياسة الانعزال اليابانية وزوال فترة شوغونية توكوغاوا (Tokugawa Shogunate) الإقطاعية وبداية عهد ميجي (Meiji Restoration) سنة 1868، شهدت اليابان فترة تحديث على الطريقة الأوروبية تحولت على إثرها وبشكل سريع إلى قوة عسكرية واقتصادية صاعدة بالمنطقة.


وتزامناً مع ذلك، عرفت الفترة التالية تزايداً غير مسبوق في الخلافات بين كل من إمبراطورية الصين وإمبراطورية اليابان حيث تحولت شبه الجزيرة الكورية إلى مصدر نزاع بين الطرفين. وبينما سعت الصين للحفاظ على نفوذها بكوريا، سعت اليابان إلى إقصائها من المنطقة للاستحواذ على شبه الجزيرة الكورية ذات الموقع الاستراتيجي والغنية بالموارد الطبيعية، كالحديد والفحم، والتي كانت ضرورية لتغذية الصناعة المتنامية لليابان.


وأمام النجاح الياباني في تحقيق تقدم اقتصادي وعسكري، حافظت الصين، والتي اعتبرت القوة التقليدية بالمنطقة، على طابعها العتيق. فبعد قرون من الهيمنة المتواصلة على شبه الجزيرة الكورية وفيتنام وأحياناً اليابان، عانت الصين من نكسات عديدة تجسدت أساساً في خسارتها لحربي الأفيون (opium wars) وفشلها الذريع في إحداث إصلاحات اقتصادية وعسكرية. وتزامناً مع تعرض الأخيرة لإهانات متواصلة من قبل كل من فرنسا وبريطانيا طيلة القرن التاسع عشر، اتجهت اليابان نحو تغيير موازين القوى بالمنطقة عن طريق حرب يتم من خلالها إنهاء النفوذ الصيني بالمنطقة وتعويضه بالنفوذ الياباني.


وفي يوم 23 من شهر تموز/يوليو سنة 1894، تدخل الجيش الياباني بمنطقة سيول بشبه الجزيرة الكورية، قبل أن يخوض أولى معاركه ضد القوات الصينية بعد حوالي 5 أيام، ضمن ما عرف بمعركة أسان (Asan). وخلال هذه المعركة نجح اليابانيون في قطع الإمدادات عن الجيش الصيني والذي تلقى هزيمة قاسية عقب مقتل وإصابة حوالي 500 من جنوده. وتزامناً مع ذلك، لم تتردد كل من الصين واليابان في إعلان الحرب على بعضهما بشكل رسمي مطلع شهر آب/أغسطس سنة 1894.


وفي الأثناء، جرت أغلب معارك الحرب الصينية اليابانية الأولى في عرض البحر، وخلالها فرضت البحرية اليابانية نفسها بفضل تطور سفنها الحربية. فبينما أنفقت اليابان أموالاً طائلة لإصلاح أسطولها البحري وتحديثه، حافظت الصين على أسطولها البحري العتيق، حيث حبذت الإمبراطورة الصينية سيشي (Cixi) مصادرة نسبة هامة من المبالغ المالية التي كانت ستنفق على السفن الصينية لاستغلالها في إدخال إصلاحات على القصر الإمبراطوري الصيفي ببكين.

وعقب معركة أسان، تراجعت القوات الصينية نحو بيونغ يانغ. وتزامناً مع ذلك، حلت القوات اليابانية لتفرض حصاراً خانقاً على المدينة قبل أن تقوم بمهاجمتها ما بين يومي 14 و15 من شهر أيلول/سبتمبر سنة 1894. وخلال هذا الهجوم تلقت القوات الصينية هزيمة أخرى خسرت خلالها 6 آلاف جندي بين قتيل وجريح.


وما بين شهر تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر سنة 1894، حققت الجيوش اليابانية مكاسب عديدة حيث نجحت الأخيرة في دخول أراضي إقليم منشوريا (Manchuria) وأنزلت قواتها بشبه جزيرة لياوتونغ (Liaodong)، فضلاً عن ذلك نجحت اليابان في السيطرة على مدن موكدين (Mukden) وجيويان (Xiuyan) وتايلينوان (Talienwan) ولوشونكو (Lushunkou) الصينية.

وتزامناً مع خسارة البحرية الصينية لمعركة ويهاي (Weihai) وسيطرة اليابان على كل من منشوريا وجزر بسكادورز (Pescadores)، اتجهت السلطات الصينية خلال شهر آذار/مارس سنة 1895 نحو عقد اتفاقية صلح مع اليابان.

وبناء على ذلك، وقع الطرفان يوم السابع عشر من شهر نيسان/أبريل سنة 1895 اتفاقية شيمونوسيكي (Shimonoseki) والتي جرّدت الصين من بسكادورز وتايوان ولياوتونغ، حيث تنازلت الأخيرة عن كل هذه الممتلكات لصالح اليابان. واعترفت إمبراطورية الصين باستقلال كوريا ووافقت على تقديم تعويض مالي لليابان ومنحها امتيازات تجارية هائلة.

في أثناء ذلك، تخوفت كل من روسيا وفرنسا وبريطانيا من التوسع الياباني السريع بالمنطقة، وأمام تزايد احتمالية تدخل عسكري ضدها وافقت اليابان على إعادة منطقة لياوتونغ للصينيين.